أيمن الشرباتي – أسير مقدسي وكاتب فلسطيني

الاخوة الامناء العامون: في إطار هذه المقالة سأحاول الإجابة على سؤال هذا العنوان مُنطلقاً من الفرضية التالية، وهي أنّ المسؤول الأول والأخير عن لعنة الانقسام هم من صنعوه، أي حركتي حماس وفتح، وأنّ باقي التنظيمات بريئة منه براءة الذئب من دم يوسف.

إذاً، دعونا أولاً نتطرق إلى الدعوة التي وجهها محمود عباس لعقد هذا الاجتماع، وبحسب رأيي المتواضع فإنها دعوة حق اريد بها باطل، فلو أريد بها حق، لما قامت اجهزة امن السلطة بشن حملة اعتقالات شرسة على المقاومين، لتكمل بذلك السلطة ما بدأه الاحتلال بحملته على مخيم جنين، وهنا عبر قادة الأجهزة الأمنية عن حسن نوياهم، ولكن لـ “نتنياهو”، ودخل أبو مازن على ظهرة الدبابة “الإسرائيلية”.

إنّ من يصغي بتفكر وتدبر إلى خطاب أبو مازن في المخيم، لا يسعه إلّا أن يحدث نفسه قائلاً: “إنّ الصوت صوت أبي مازن، ولكن الأيدي أيدي حسين الشيخ الذي لا يدْخر جهداً في تحويل السلطة إلى شركة لبيع الخدمات الأمنية للاحتلال الإسرائيلي مقابل أموال المقاصة.


أمّا استجابة حماس للدعوة فلم تكن بريئة، لأنها أعدت قبل كل شيء لذر رماد المماطلة والتسويف في عيون رأينا العام، وفي ذات الوقت، فإنّ استجابتها ورقة تستخدمها لستر عورة استئثارها بالسلطة في غزة، ألم تفرض ضرائب على البضائع القادمة للقطاع من الضفة الغربية بحجة أنها بضائع اجنبية مستوردة من الخارج، لكنها تراجعت بعد ذلك بضغط من الراي العام؟

أخواني الأمناء العامون: إنّ الطبيعة لا تتحمل الفراغ، لذلك تحول الفراغ النضالي الذي تركه طرفي الانقسام (فتح وحماس) بسبب انشغالهم في تقسيم بطيخة السلطة في سكينة الغنائم الى رحم، وتمخض فولد الفلسطينيون الجدد من رماد الفلسطينيين القدامى، الذين احترقوا في موقد الانقسام، وكانت ذئابنا المنفردة من أمثال: مهند الحلبي وعمر ابو ليلى، رحمهم الله، طلائع هذا الميلاد المبارك، وتضاعفت خصوبة رحم هذا الجيل، فأنجب كتيبة جنين وعرين الأسود، وهكذا ولد جيل الفلسطينيين الجدد، مسلحين بفطرتهم الوطنية والدينية، ليحطموا بعنفوانهم الثوري أوثان منظمة التحرير، وليطيحوا ببراءتهم وجراءتهم بكهنوت الإسلام السياسي الذي يتأله شيوخه على الناس لزعمهم أنهم سيف الله المسلول من غمد النبوة.

الأخوة الأمناء العامون: إنّ اجتماعات طرفي الانقسام لا جدوى منها ولا ضرورة لها، إنها الترف بعينه، ألم يجتمعوا في مكة؟ ألم يقسموا وهم متمسكون بستائر الكعبة على صيانة الدم الفلسطيني؟ ومع ذلك لم يتورعوا عن صنع الانقسام فور عودتهم من حجة المصالحة، احذروهم إنهم ملوك الغطرسة السياسية، إنهم يرون بأنفسهم ابطال المشهد الوطني، وباقي التنظيمات مجرد “كومبوس” ثوري لهم، إنهم يجتمعون فقط من أجل إعادة تدوير قمامة الانقسام في حاويات السلطة، لكن الحمدالله على أنّ نظامنا السياسي، لا يستمد شرعيته من اجتماعاتهم ونزاعاتهم، بل من دماء شهداءه الأبرار ومن دموع أيتامه ومن عرق أرامله، فالوحدة الوطنية التي نصبو إليها تجسدت في أبهى صورها وأجنبت في أرقى أشكالها، بتلاحم المقاومين في عرين الأسود وفي كتيبة جنين.

الإخوة الأمناء العامون: تعالوا نضع حجر الأساس بيننا لوضع استراتيجية وطنية جديدة مبنية على العبرة التي استخلصناها من معركة جنين، والتي كتبها لنا شهداءها بدمائهم.

أولاً: يا الله ويا وحدنا موحدين، إنّ نكبتننا لن تتكرر لأننا سنقاتل ونقتل ونُقتل ونحن باقون هنا ولن نرحل.

ثانياً: كما احتلت فلسطين على مراحل سنحررها على مراحل، وكما حررنا غزة من “شارون” و”موفاز” سنحرر الضفة من “نتنياهو” و”بن غفير”.

رابعاً: يجب علينا حل السلطة كي يتحمل الاحتلال مسؤولياته ويدفع ثمن جرائمه، لأنّ وجود السلطة أصبح عبئاً يثقل كاهل المشروع الوطني الفلسطيني، وسيقول لك المرجفون من من نزلوا عن جبل أحد، لجمع غنائم الرتب والرواتب في كيس التوثيق الأمني: “إنّ حل السلطة سيدخلنا في متاهة جديدة. فنرد عليهم: “إنّ هذا الراي عارٍ عن الصحة، فقدر شعبنا أن يقود قيادته في المنعطفات الحادة والطرقات الوعرة، ألم تكن هذه القيادة في متاهة أوصلتها حتى تونس في شمال افريقيا؟! والانتفاضة الأولى هي التي أعادتنا إلى أرض الوطن.

الإخوة الأمناء العامون: لو قال لك قائل، قبل أن تخطو العرب هذه الخطى العظيمة نحو المجد وهي تخرج من ظلال النكبة والنكسة، في حرب عام 1973، بأنّ الجيش المصري سيعبر القناة ويحطم خط “بارليف” ، وأنّ حزب الله سيهزم الجيش الذي لا يقهر شر هزيمة في العام 2000، وأنّ الفلسطينيين بقواهم الذاتية سيحررون قطاع غزة ، وسيبنون مكان المستوطنات معسكرات للمقاومة، لحدثت نفسك قائلاً: “دعك منه، إنّه عربي يهذي بحكم الهزائم و(انفلونزا) الانكسارات”، ولكن الطبيعة البشرية منجم للمعجزات، ألم يخلقنا الله من طين وينفخ فينا من روحه الخالدة، إنّ الروح المتولدة من لدن الله تعالى هي بوصلتنا نحو الحرية.

الأسير المقدسي أيمن ربحي الشرباتي (أبو العلاء)
سجن نفحة الصحراوي
27/7/2023