راسم عبيدات: كاتب ومحلل مقدسي


يبدو بأن غليان المرجل الفلسطيني سيصل حد الإنفجار، فدولة الكيان بحكومتها اليمينية المتطرفة وفاشيتها اليهودية ،تعتقد بأن الظروف والبيئة الإقليمية والدولية والمحلية مؤاتية لها،لكي تحسم الصراع مع شعبنا الفلسطيني بالقوة ،ولذلك تصعد من حربها الشاملة على شعبنا ، ضم وتهويد و”تسونامي” إستيطاني ،وإطلاق العنان لكل قطعان المستوطنين، لكي يمارسوا كل اشكال بلطجتهم وعربدتهم وإعتداءاتهم على قرى وبلدات شعبنا الفلسطينثي،وتلك العربدة والبلطجة والزعرنة، تلقي الرعاية والحماية من قبل النافذين في حكومة اليمين من الفاشية اليهودية، وحتى يجري امتداحهم والثناء عليهم،ومنع اعتقالهم ومحاكمتهم،كما حدث في الجريمة التي ارتكبها مستوطنان بحق أحد سكان قرية برقة – نابلس، الشاب قصي مطعان في شهر أب الماضي،وتلك الجرائم تتسع وتتواصل، وهذه القطعان من الجماعات المتطرفة والفاشية، ستعمد جماعات الهيكل وبن غفير وسموتريتش ويتحساق فارسلاوف وشولي معلم ويهودا غليك وغيرهم من قادة التطرف والفاشية ،لتوظيفهم في معارك الأقصى القادمة،والتي تقوم سياسة دولة الكيان تجاه،على تحويله لمكان عبادة يهودي،هذه السياسة التي تمثلها الفاشية اليهودية وفي المقدمة منها الفاشي بن غفير وزير ما يعرف بالأمن القومي “الإسرائيلي” الذي اقتحم منذ تشكل هذه الحكومة الأقصى ثلاث مرات في كانون ثاني وايار وتموز من العام الحالي،ومن المتوقع في الأعياد اليهودية القادمة في شهري أيلول الحالي ،عيدي رأس السنة العبرية (16 و 17) أيلول الحالي ويوم “الغفران” في ال 25 من نفس الشهر ،وعيد المظلة ” العرش” الممتد من 1 – 7 / تشرين أول القادم ، أن يجري توظيف هذه الأعياد الثلاثة من قبل كل أتباع الفاشية اليهودية، لكي تحدث اختراقاً جوهرياً في مكانة ووضعية المسجد الأقصى، بما يمكن من فرض السيادة والهيمنة اليهودية عليه،والإنتقال به من الزمن الإسلامي الى الزمن اليهودي عبر سياسات الإحلال الديني،وتوظيف كل مناسبة دينية و” قومية”، لتحقيق حلم إقامة الهيكل المزعوم مكان مسجد قبة الصخرة.بإنتظار مجيء المسيح المخلص لبناء الهيكل،وتكريس الأقصى كمكان للعبادة اليهودية.


هذه المعاني الرمزية المكثفة هي التي تجعل اليمين الصهيوني بمختلف مواقعه في الحكومة والأمن والمحاكم وجماعات الهيكل يرى فيه هدفاً يستحق الإصرار عليه.


المتوقع في الأعياد اليهودية الثلاثة القادمة، أن تقدم الجماعات التلمودية والتوراتية، ليس فقط السعي للنفخ في البوق داخل ساحات المسجد الأقصى،وممارسة طقوس السجود الملحمي،ودخول معظم المقتحمين بلباس الكهنة البيضاء ،وإدخال قرابين الفصح النباتية من سُعف نخيل وأغصان صفاف وثمار حمضيات مجففة،بل ستركز تلك الإقتحامات، على القيام بعمليات الإقتحام من عدة أبواب من بوابات الأقصى،وبالذات على باب الإسباط المتحكم الرئيسي في مدخل الأقصى والبلدة القديمة،حيث هو عصب التجارة والإقتصاد لها، فالمقدسيون أغلب بضائعهم يجري إدخالها من خلاله،ولذلك عندما يجري السيطرة عليه، فهذا يعني قتل الحركتين التجارية والإقتصادية فيها،والباب الأخر الذي سيجري التركيز عليه في الإقتحامات،هو باب حطة، فالسيطرة عليه تتيح للمستوطنين التواصل مع البؤرة الإستيطانية “بيت المعظمية” الذي جرى الإستيلاء عليه في صفقة تسريب عقارات باب الخليل فندقي البتراء والإمبريال” في العام 2004 .


عامل التفجير الأخر للأوضاع على مستوى الساحات الفلسطينية، هو الإستهداف المتواصل لأسرى شعبنا في سجون الكيان ،حيث سعى ويسعى الفاشي بن غفير الى تحويل حياتهم في سجون دولة كيانه الى جحيم، وخاصة بعد عملية “نفق الحرية” التي استطاع فيها ستة من أسرى شعبنا الأبطال تحرير أنفسهم، بعملية اخترقت كل أجهزة الرقابة الأمنية والألكترونية، ولتصيب منظومة امن الكيان بعطب في عصبها المركزي ،ولتؤكد بان إرادة المناضل الفلسطيني وإصراره أقوى من كل التحوطات والتحصينات الأمنية والإلكترونية والإنشائية، تلك العملية التي عكست نفسها ايجاباً على معنويات ونفسيات أسرانا الأبطال، وكرد على هذه العملية ومحاصرة تداعياتها على الحركة الأسيرة،شن الفاشي بن غفير حرباً شاملة على أسرانا الأبطال، فكل يوم يستحدث ويسن قانون جديد أو يتخذ قرار جديد لتضيق الخناق عليهم،فمن سن قانون والمصادقة عليه بالقراءة الأولى في “الكنيست” بفرض عقوبة الإعدام على الأسير الذي يقتل جنود ومستوطنين الى سحب الكثير من المنجزات والمكتسبات التي عمدت بالدماء والتضحيات والشهداء، بجعل زيارة الأسير لسكان الضفة الغربية، مرة واحدة كل شهرين، بدل مرة في الشهر، وتحديد ساعات الإستحمام للأسرى في القسم بساعة واحدة، وكذلك مواعيد المياة الساخنة، ومنع اختلاط أسرى فتح و حماس في أقسام السجن، وتحميل الأسرى تكاليف العلاج والعمليات الجراحية، وتقليص مدة الفسحة “الفورة”، ومنع الأسرى من الطبخ في الغرف، وتقليص نوعيات وكميات البضائع في “كانتينا” السجن،وممارسة سياسات القمع والتنكيل والإستفزاز والتفتشيات المستمرة ليل نهار، وتوسيع دائرة سياسة العزل والتنقلات المستمرة بحق الأٍسرى على أوسع نطاق،وكذلك سياسة الإهمال الطبي ،والسعي لكسر سلاح الأسرى “الإستراتيجي” الإضرابات المفتوحة عن الطعام،بعدم الإستحابة لمطالب الأسرى،وتركهم مضربون حتى الموت دون تقديم العلاج لهم،كما حصل مع الأسير القائد الشهيد خضر عدنان، الذي ترك يلفظ أنفاسه الأخيرة في زنزاته بعد 86 من الإضراب المفتوح عن الطعام في أيار الماضي. وأيضاً سعى بن غفير لتفكيك البنى التنظيمية للفصائل.


بن غفير وحكومة اليمني المتطرف والفاشية اليهودي،سيصعدون من استهدافهم للحركة الأسيرة والمسجد الأٌقصى، فهذه من القضايا التي يستعجلون حسم الصراع فيها، لما لها من قيمة كبيرة في عمق وجدان وضمير شعبنا،وهذه القضايا تمس بشكل مباشر كل بيت فلسطيني،فهي محط إجماع كل المكونات والمركبات سياسي، دينية، مجتمعية وشعبية،ولذلك تصعيد الإستهداف لها من قبل دولة الكيان وزعرانها من المتطرفين،ستدفع نحو إنفجار الأوضاع ،إنفجار في تداعياته،ستجاوز حدود القضيتين، ليطال كل الساحات الفلسطينية،ولربما إذا ما خرجت الأمور عن السيطرة، سيجد الكيان نفسه امام جبهات متعددة ، وبالذات في قضية المسجد الأقصى، فمحور القدس قال من بعد معركة “سيف القدس”، أيار 2021، وبعد معركة العشر ساعات في نيسان الماضي، على خلفية الإعتداء على المرابطين والمرابطات في الأقصى،والإقتحامات المستمرة له في شهر رمضان الفضيل، بأن العبث بمصير الأقصى يعادل حرباً إقليمية، ومع اقتراب موعد الأعياد اليهودية،والتي تحشد لها الجماعات التلمودية وتواصل تحريض جماعاتها وأنصارها للقيام باوسع عمليات إقتحام للأقصى، تحت شعار ” العودة لجبل الهيكل”، فالأمور مرشحة لكي تنفجر بشكل كبير وواسع،وخاصة اذا ما جرت عمليات الإقتحام من أكثر من باب، ونجحت تلك الجماعات بفرض وقائع التقسيم الزماني والمكاني، ونقل المسجد الأقصى من مسجد إسلامي خالص الى مكان مقدس مشترك عبر سياسات الإحلال الديني.


المعركة قادمة والمرجل الفلسطيني سينفجر،ولن تنجح كل اشكال التطبيع مع النظام الرسمي العربي ولا استمرار القمم الأمنية، في منع إنفجار هذا المرجل، فحكومة الكيان ومركباتها السياسية، ليس لديها ما تقدمه لشعبنا، سوى شرعنة وتأبيد الإحتلال،ومساعدات اقتصادية ومالية مقابل خدمات أمنية وتهدئة.

فلسطين – القدس المحتلة
8/9/2023