انتهت زيارة “أرييل شارون” للمسجد الأقصى في أيلول 2000 بهدوء، ونظر حاشيته إلى ضباط الشاباك والشرطة الذين حذروا من وقوع انفجار واعتبروهم جبناء.

واندلعت المواجهات في اليوم التالي، واشتبك عشرات الآلاف الذين حضروا صلاة الجمعة مع الشرطة، واندلع العنف، سرعان ما انتشرت موجات المواجهات إلى الضفة الغربية، وفي غضون أيام انحدرت “إسرائيل” إلى الانتفاضة الثانية، وهو الصراع الأكثر دموية بين “إسرائيل” والفلسطينيين، والذي أودى بحياة الآلاف.

وانتهت زيارة “أوري أريئيل” إلى المسجد الأقصى عشية رأس السنة الجديدة عام 2015 دون أحداث خاصة، لكن في ذلك المساء، اندلعت الاشتباكات في القدس الشرقية وبدأت “انتفاضة السكاكين” التي نفذ خلالها الفلسطينيون عشرات عمليات الطعن والدهس في القدس والضفة الغربية.

الأقصى خط أحمر

في المائة عام الماضية، أثبت الفلسطينيون مرات لا تحصى أن المسجد الأقصى خط أحمر، فمن وجهة النظر الفلسطينية فإن مُجمع المسجد الأقصى بأكمله هو المسجد الأقصى وبالتالي لا مكان للعبادة الدينية اليهودية، لكنه أكثر من ذلك بكثير، فهو رمز وطني وديني وسياسي أولاً وقبل كل شيء، وأي تغيير فيه يُنظر إليه على أنه إذلال شخصي ووطني يتطلب الرد.

وتعتبر زيارات كبار “المسؤولين الإسرائيليين” إلى المسجد الأقصى من قبل الفلسطينيين والعالم العربي بأسره انتهاكاً للحصرية التي يتمتع بها الوقف في إدارة المكان.

عوامل للتوتر

قال كعضو في الكنيست: “استفاد بن غفير بشكل كامل من امتيازاته لإثارة الاستفزازات في القدس الشرقية، كان هذا هو الحال عندما وصل إلى باب العامود برفقة أنصاره خلال شهر رمضان، وكان هذا هو الحال عندما أقام -مرتين- مكتباً مرتجلاً له في الشيخ جراح، وكانت أفعاله أكثر من مرة هي التي أدت إلى اندلاع العنف، وكوزير للأمن القومي حالياً، لديه أدوات أكثر قوة تحت تصرفه.

بالرغم من ذلك، من الممكن أن تمر زيارة بن غفير بسلام وأن تنجرف في سيل من الاستفزازات والتصريحات غير المسؤولة والغبية للوزراء الجدد، لكن من المحتمل أن يرمز إلى بداية تغيير خطير في السياسة تجاه المسجد الأقصى، وأول وقت حساس هو صلاة الجمعة القادمة.

ويبدو أن الحكومة الجديدة ستوفر العديد من عوامل “التفجير” من إخلاء العائلات الفلسطينية لصالح المستوطنين في الشيخ جراح أو في سلوان، وتعزيز المستوطنات الجديدة داخل الأحياء الفلسطينية، وتسريع المشاريع مثل التلفريك في القدس، والجدار العازل والحفريات الأثرية في سلوان، وزيادة عمليات هدم المنازل ومناورات الشرطة.

الاختبار الحقيقي في رمضان

إن الاختبار الحقيقي سيأتي في الربيع، ولسوء حظنا، فإن عيد الفصح، -أهم وقت في تقويم نشطاء الهيكل- سيوافق هذا العام الأسبوع الثاني من رمضان.

أول أمس، طلب “رفائيل موريس” أحد أكثر الناشطين تطرفاً ونشاطاً بخوص بناء الهيكل من بن غفير، أن يأمر الشرطة بالسماح بتجديد التضحية (بذبح القرابين في الأقصى) بعيد الفصح هذا العام.

وطالب موريس الحصول على الموافقة “في أقرب وقت ممكن حتى نتمكن من التنظيم على جميع المستويات (لوجستي، هلااخي، بيروقراطي وأكثر)، هناك فرصة ذهبية لإعادة التاج إلى مجده السابق”.

الفرق هذه المرة هو أن الوزير المسؤول عن الشرطة هذا العام -ولأول مرة- هو نفس المحامي الذي مثّل موريس بعد اعتقالاته السابقة مع الجدي.

وقال المحامي بن غفير رداً على اعتقال موريس في عام 2017: “ليس من الممكن اعتقال الأشخاص لمجرد أنهم يسعون إلى احترام الدين اليهودي”، وطالب الشرطة بعدم إلقاء القبض عليه، وطالب بمساعدة أولئك الذين يسعون إلى الاحتفال بإقامة ذبيحة عيد الفصح.