تعرف بلدة العيساوية في القدس بين أهلها باسم “غزة الصغرى”، كونها تشكل واحدة من أهم قلاع المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، ورغم محاولات الاحتلال المستمرة لإخماد روح التحدي فيها تظل العيساوية قادرة على إظهار مقاومة شعبية متزايدة مع كل تصعيد، مما جعلها هدفاً لسياسة العقاب الجماعي الذي يفرضه الاحتلال عليها يوماً بعد يوم.

رمزاً للمقاومة

أوضح عضو هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس، أحمد الصفدي أن استهداف الاحتلال بلدة العيساوية ليس جديداً ولم يبدأ مع العدوان الأخير على قطاع غزة. بل إن البلدة كانت على مدى سنوات طويلة رمزاً لمقاومة الاحتلال.

وأضاف “لطالما كانت العيساوية تُعرف بـ (غزة الصغرى)، وقد تعرضت لسياسات عقابية متعددة من قبل الاحتلال، شملت هدم المنازل، وفرض الغرامات المالية على المواطنين والمتاجر، واستهداف شباب البلدة، واغتيال عدد من فتيانها”.

من جهته أكد عضو لجنة المتابعة في بلدة العيساوية، الناشط محمد أبو الحمص، أن الاحتلال يتعامل مع العيساوية بطريقة استثنائية بسبب سرعة وحجم تفاعل سكانها مع الأحداث والتطورات الميدانية في عموم فلسطين.

ولفت أبو الحمص إلى أنه ومنذ أحداث “طوفان الأقصى”، قدمت العيساوية شهيدين ومئات الأسرى والمعتقلين في سبيل نصرة غزة.

وبيّن أبو الحمص أن العيساوية كانت حاضرة بشكل دائم في الفعاليات الشعبية والإضرابات والمواجهات مع الاحتلال على مدار أكثر من 300 يوم من الحرب على قطاع غزة، مشيراً الى الإضراب الشامل الذي عمّ البلدة بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية، كما شهدت إضرابات سابقة ردًا على جرائم الاحتلال ومجازره في غزة.

واستطرد “لكن الاحتلال لم يتوقف عن عدوانه على البلدة حتى بعد انتهاء الإضراب، إذ استمرت اقتحاماته للمنازل والمتاجر وفرض الضرائب على السكان، كما صادرت قواته البضائع الفلسطينية القادمة من الضفة الغربية”.

بطش وقمع

يمارس الاحتلال أساليب قمع وحشية ضد أهالي العيساوية، مستخدماً المياه العادمة والقنابل الصوتية وقنابل الغاز، مما يتسبب في حالات اختناق بين المواطنين.

وذكر الصفدي أن إحدى المسنات استشهدت بسبب كثافة إطلاق قنابل الغاز على منازل السكان، فيما لا يزال العديد من أطفال العيساوية معتقلين في سجون الاحتلال.

ويلجأ الاحتلال إلى إرسال رسائل تهديد مكتوبة إلى سكان العيساوية، محذرًا من هجمات قادمة في محاولة لإخضاعهم، وفق الصفدي الذي اعتبر ذلك جزءًا من سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها الاحتلال ضد البلدة والتي تشمل أيضًا إغلاق مداخل البلدة بالمكعبات الإسمنتية لخنقها اقتصاديًا.

“جيتو” وساحة تدريب للاحتلال

أشار أبو الحمص إلى أن العيساوية أصبحت “جيتو” محاصرًا بالمستوطنات من كل جانب. كما أن الاحتلال يستخدم الأراضي المفتوحة في البلدة كساحات تدريب لقواته العسكرية، بما في ذلك قوات الاحتياط والقوات الخاصة.

ويرى أبو الحمص أن ذلك يعود لمقاومة البلدة المستمرة إضافة لعدم وجود أي مستوطنات أو مراكز تابعة للاحتلال داخلها، مما جعلها تتحول إلى ساحة تدريب لقوات الاحتلال لممارسة أساليبه القمعية.

صمود وثبات

رغم كل محاولات الاحتلال كسر إرادة سكان العيساوية وإخضاع وعيهم إلا أن البلدة ظلت صامدة ومحافظة على مقاومتها.

ويؤكد الصفدي على أن العيساوية، إلى جانب بلدة سلوان ومخيم شعفاط، تقف شامخة في المواجهة مع الاحتلال، وتظل بلدات مقاومة رغم كل التحديات، إذ أنها كانت ولاتزال رمزاً للمواجهة مشدداً على أن العيساوية ستبقى دائما “غزة الصغرى” في قلب القدس.