
ما زال مستشفى المقاصد يعاني من أزمة مالية وإدارية وطبية خانقة، باتت تهدد وجوده، علمًا بأنه أحد أهم معالم مدينة القدس المحتلة، ويأتي ذلك في ظل اقتراب تنصيب هيئة إدارية جديدة لجمعية المقاصد الخيرية، المشرفة على مستشفى المقاصد، مطلع شهر آب المقبل، من قبل رئيس السلطة الفلسطينية.
لا نذيع سراً بأن السبب وراء هذه الأزمات المتلاحقة هو الفساد العميق والمستشري بين بعض أعضاء الهيئة الإدارية الحالية، التي تجاوزت أعمار بعضهم السبعين عاماً، فمنذ عام 97 لم تحصل أي انتخابات للهذة الهيئة المكونة من 9 أعضاء حاليا من أصل 12 واختفاء واضمحلال للهيئة العامة.
هذا بدوره انعكس على أداء الطواقم الإدارية المتلاحقة مما عزز بؤر الفساد المالي والإداري والطبي، حتى وصل الأمر إلى مرحلة متقدمة من الشراسة والبلطجة، طالت أطباء وموظفين دون وجه حق.
يتحدث السيد زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية عن أسباب التدهور الحاصل بالمستشفى موضحاً بأن “الأزمة في المقاصد مزمنة، أهم أسبابها الديون المتراكمة، حيث بلغت ما يقارب 300 مليون شيكل، والأوضاع فيه تزداد سوءًا، وليس هناك أمل بسداد هذه الديون، إن بقي الحال كما هو، فالمستشفى بحاجة إلى هيئة إنقاذ؛ لمعالجة كافة الجوانب الإدارية والمالية، فمثلاً هنالك تضخم بالكادر الوظيفي بالمستشفى، حيث إن عدد الموظفين يزيد بما يقارب 30 % عن حاجة المستشفى”.
وعن أبرز ملفات الفساد التي تَعصِفُ بمستشفى المقاصد، اوضحت لنا مصادر من داخل المستشفى- رفضت الكشف عن هويتها – منها:
- الأملاك الموقوفة على مستشفى المقاصد والتي تقدر بملايين الدولارات، حيث لا يملك أحد من خارج دائرة المنفذين بالمستشفى صلاحية الكشف عن حجمها، أو مصيرها، ولماذا لا تستغلها لسداد جزء من الديون، التي يعاني منها المستشفى.
- التوريدات والقطع الطبية والمشتريات بشكل عام تتم بصورة غير مهنية، من خلال شركات وهمية بعطاءات وبأسعار ومواصفات لا تستند إلى أي مرجع رقابي.
- التحويلات الطبية المحولة للمستشفى من قبل السلطة الوطنية، حيث إنها أقل في تسعيرتها من تلك المحولة لأي مستشفى آخر؛ واعزت تلك المصادر السبب الى اتفاقيات أتمّها متنفذين بالمستشفى مع الصحة الفلسطينية، دون إبداء أي أسباب مقنعة، مما نستنتج أنها تأتي بسياق فاسد، ورغم هذا ما تزال ملايين من الشواكل عالقة لم تسددها الصحة الفلسطينية.
- ملف قضايا التعويضات الطبية في المستشفى، يُدفع ما يقارب 20 مليون شيكل سنوياً، كتعويضات عن أخطأ طبية، بالإمكان تجاوزها من خلال شركات التأمين، والاعتماد على طواقم طبية تكون نسبة الأخطاء لديها قليلة.
وعن الحلول الممكنة التي تقدمت بها هيئة العمل الوطني ونقابة العاملين ولجنة انقاذ المقاصد وفعاليات شعبية ووطنية اخرى، لإنقاذ هذا الصرح الوطني والطبي من الانهيار تحدث الاستاذ مازن الجعبري الباحث بجمعية الدراسات العربية:
بداية يجب أن نؤكد للجميع بأن انهيار مستشفى المقاصد يعني انهيار للمؤسسة الوطنية بالقدس فهذا المستشفى ليس مكان للاستشفاء فحسب بل هو عنواناً ورمزاً وطنياً لنا بالمدينة.
وأما ثانياً فنحن بالقدس بفعالياتها الوطنية والإسلامية والشعبية نؤكد للجميع بأن الفساد بهذا المستشفى وصل إلى مستوى لا يمكن السكوت عنه، ولسنا بصدد شخصنة الموضوع بقدر ما نحن بصدد علاج الكارثة،
وأوضح الأستاذ مازن الجعبري بأن الحلول المتاحه أمامنا حاليا هو الضغط باتجاه صناع القرار في مدينة رام الله من أجل تنصيب أعضاء هيئة إدارية مؤقتة تتسم بمعايير وطنية ومهنية وأخلاقية بالتشاور مع الفعاليات المقدسية، من مهماتها وقف التدهور الحاصل وإحالة الفاسدين إلى القضاء وصياغة جديدة للقانون الداخلي للجمعية يعمل على تشكيل هيئة عامة جديدة تنتخب هيئة إدارية مستقبلا تعيد مسار المستشفى ورسالته الى الطريق الصحيح.