تعد بالمئات وتخرّج مئات آلاف الطلاب..
وكالة بيت المقدس – وكالات
تغلغلت المدارس والأكاديميات الدينية اليهودية في عمق البلدة القديمة في القدس المحتلة. ومنها مدارس دينية أرثوذكسية، يطلق عليها باللغة العبرية اسم “يشوفيت” (Yeshivot)، وتوجد فيها أقسام داخلية لإقامة الطلبة.
وتتركز معظم هذه المدارس في “طريق الواد” الواقعة في الحي الإسلامي والمؤدية إلى المسجد الأقصى المبارك وأبرزها:
- مدرسة عطيرت يروشالايم.
- مدرسة شوفوبنيم.
- مدرسة عطيرت إلياهو.
- مدرسة تورات حاييم.
- مدرسة حازون يخرقيل.
- مدرسة عطيرت كوهانيم.
تاريخ التعليم اليهودي بالقدس
كانت معظم المدارس الدينية اليهودية مملوكة للقطاع الخاص خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، وكانت تتلقى دعما محدودا من حركة “أغودات إسرائيل” العالمية.
وفي عام 1953 سُن قانون التعليم الرسمي الحكومي، وتنص المادة الثانية منه على أن “التعليم في دولة إسرائيل يجب أن يرتكز على قيم الثقافة اليهودية، والولاء لدولة إسرائيل والشعب اليهودي، وتحقيق مبادئ الريادة في العمل الطلائعي الصهيوني”.
وبعد سن هذا القانون تم توحيد التيارات المختلفة في جهاز التعليم في إسرائيل تحت إطارين؛ هما التعليم الرسمي والتعليم الديني الرسمي.
وقد خضعت هذه الأطر لإدارة وإشراف وزارة التربية والتعليم، أما مدارس “أغودات إسرائيل” التي كانت تعمل حتى ذلك الحين في إطار ما يعرف بـ”التيار الرابع”، فبقيت خارج الإطارين الرسميين بسبب رفض المتدينين المتشددين الاندماج فيها خوفا من تضرر استقلالهم.
فمُنح هؤلاء وضعا خاصا بموجب القانون بعد معارضة من العناصر الأرثوذكسية المتطرفة، التي حذرت من أن إشراف وزارة التربية والتعليم -ولو جزئيا- على هذه المدارس سيؤدي إلى الإضرار باستقلالية التعليم الأرثوذكسي.
وهكذا أُنشئ التعليم الحريدي (المستقل) من قبل مجلس حكماء التوراة في “أغودات إسرائيل”، وكان من أبرز مؤسسيه كل من الحاخام هيليل ليبرمان والحاخام بنحاس ليفين والحاخام موشيه باروش في القدس.
التعليم الديني اليهودي في أرقام
عام 2015 عملت 240 مدرسة في إطار التعليم الديني المستقل، ودرس فيها نحو 90 ألف طالب وطالبة، وفي عام 2021 تلقى نحو 113 ألف طالب وطالبة تعليمهم على مقاعد 285 مدرسة دينية يهودية (حريدية).
ومع افتتاح العام الدراسي 2021-2022 اعتبر قسم التعليم الأرثوذكسي في بلدية القدس الأكبر بين أقسام التعليم في إسرائيل، إذ تندرج تحت هذه المظلة التعليمية المتشددة 300 مدرسة وأكاديمية تضم 3 آلاف غرفة صفية يتعلم على مقاعدها 120 ألف طالب وطالبة.
وفي بداية العام الدراسي ذاته قرر رئيس بلدية الاحتلال موشيه ليؤون تخصيص ميزانية لنظام التعليم الأرثوذكسي المتشدد في المدينة ضمت أكثر من 100 مليون شيكل (نحو 29 مليون دولار أميركي) للتجديدات والتجهيزات والبناء.
كما اعتبر اليهود المتشددون (الحريديم) أن رئيس البلدية سجل إنجازا تاريخيا عندما خصص لأول مرة مبنى لتعليم التلمود في وسط مدينة القدس، ويدرس فيه الطلاب “تلمود توراة” تحت إشراف الحاخام حاييم أورلفيك، وأقيم المعهد في بناية واسعة في شارع بتسلئيل في المدينة المحتلة.
ماذا يتلقى الطلبة في المدارس الدينية اليهودية؟
لا يحظى الطلبة في المجتمع الأرثوذكسي -خاصة الذكور- بفرصة دراسة المواضيع الأساسية العلمية كالعلوم واللغة الإنجليزية والرياضيات والمعرفة العامة، ويقتصر تعليمهم على الدراسات الدينية فقط.
وتتمسك المدارس الدينية غير الأرثوذكسية بالتعليم الديني الوطني اليهودي، ويجري التعليم في هذا النوع من المدارس بموجب منهاج التعليم الرسمي لوزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، بحيث ينهي الطلبة تعليمهم في كافة المواد المقررة ويتقدمون لامتحانات الثانوية العامة (البجروت).
ويتم التركيز بشكل أعمق في هذه المدارس على تعليم التوراة والمشناه والشرائع اليهودية والعقائد الدينية والرؤية الدينية اليهودية لقضايا مركزية في الحياة والمجتمع.
وتوجد في معظم هذه المدارس أقسام داخلية تمنح المتدينين مزيدا من الوقت للدراسة والتعمق في مواضيع دينية كالفلسفة والتفاسير الدينية، وتعلم أسس الحفاظ على السبت وكيفية احترام هذا اليوم لقدسيته الفائقة في الأوساط الدينية اليهودية.
ويعيش الطلبة في حالة من العزلة عن البيئة المحيطة بهم وتكون مرجعيتهم رجال الدين وليس الوالدان، وتقف بعض هذه المدارس والأكاديميات خلف المواقف والعمليات التي نفذتها التنظيمات المتطرفة كالمحاولات المتكررة لهدم الأقصى، والهجوم على الحرم الإبراهيمي، واغتيال إسحاق رابين، وتأييد 80% من المجتمع اليهودي المتدين للجيش الإسرائيلي في إجراءاته الدموية ضد الفلسطينيين.
ويقدم التلمود اليهودي وصايا واضحة لبناء “الهيكل الثالث” مكان مصلى قبة الصخرة المشرفة في المسجد الأقصى المبارك، وتحتل الوصايا المتعلقة بطقوس تقديم قرابين الهيكل ثلث التوراة، لذلك يعتبر المتدينون اليهود أن التواجد في المسجد الأقصى هو بمثابة “تحقيق أكبر قدر ممكن من الوصايا تنفيذا لإرادة الله”.
وتسللت منظمات الهيكل المتطرفة إلى النظام التعليمي الإسرائيلي، إذ نشطت وما زالت في المدارس الحكومية والمعاهد والكليات والمدارس الدينية، وتعمل هذه المنظمات على أن تفرض بالقوة على الطلبة إصدارات حركات الهيكل في التاريخ والأيديولوجيا والعقيدة اليهودية، وخاصة في ما يتعلق بـ”جبل الهيكل والشوق والرغبة في إقامة الهيكل الثالث”.
ورفعت إدارة التعليم الديني شعار “القدس وصهيون: الشوق إلى الإدراك، ومن الرؤية إلى الواقع” لعامها الدراسي 2009-2010، وظهرت متعلقات الهيكل بشكل جلي في المحتوى التعليمي، إضافة إلى أن إدارة التعليم الديني أخذت دورا حيويا في تصميم المناهج الدراسية.
واقتُرحت آنذاك أساليب لدمج دراسات الهيكل مع المجالات التقليدية في كل من الجغرافيا والتاريخ والتلمود، وبناء نماذج جبل الهيكل والهيكل، وكتابة الصلوات والأغاني والقصص القصيرة عن القدس والشوق لبناء الهيكل، وتنفيذ زيارات لمعهد الهيكل وغيرها من المعاهد والأماكن الدينية.
خصوصية العمل في القدس
بما أن الرؤية المقدسة هي التي تهدي عمل الحاخامات والطلبة في هذه المدارس الدينية، فإنهم يعتبرون عملهم في القدس بمثابة رسالة وواجب لا يحقق الأهداف العليا للأمة فحسب، بل هو “مشيئة إلهية”.
ويرى هؤلاء أيضا أن وجودهم في القدس يملأ حياتهم بالإيمان والفخر، وأن العيش في هذه المدينة يرتبط بقيمة أبدية.
وتدفع هذه المعتقدات أصحابها للدمج بين الأفكار القومية والدينية، الأمر الذي أدى في كثير من الأحيان إلى إشعال الصراع الديني بين المسلمين وهؤلاء اليهود المتشددين.
وقد دفعت مثل هذه المعتقدات متشددين يهودا على سبيل المثال لإحراق أماكن العبادة الإسلامية مرارا، ولربط فكرة تدمير المسجد الأقصى ببناء الهيكل الثالث.
وبالإضافة لمهمة هذه المدارس في تعليم العلوم الدينية فإنها تستغل وجودها في البلدة القديمة بالقدس لمراقبة التواجد السكاني داخل الأحياء العربية.