على وقع الدعوات إلى تكثيف العدوان على الأقصى في “عيد الأنوار” التهويدي (18-26 /2022/12) تصرّم شهر تشرين الثاني/نوفمبر، حيث بدأت “جماعات المعبد” تحشد لاقتحام الأقصى في هذه المناسبة التي يربطها المستوطنون بالمعبد المزعوم.
وشهد الشهر الماضي انتخابات “الكنيست” الخامسة في ثلاث سنوات، وعلى أثرها شارك اثنان من أعضاء “الكنيست” في اقتحام الأقصى، في ظلّ مساعٍ لتشكيل حكومة يشكّل تصعيدُ العدوان على المسجد أحد أبرز اتجاهاتها، في ظلّ تصريحات أعضاء “كنيست” حول “تغيير الوضع القائم” و”حقّ اليهود بالصلاة في الأقصى”.
أعضاء “كنيست” يشاركون في اقتحام الأقصى.. ورفع علم الاحتلال في المسجد
شارك 4131 مستوطنًا في اقتحام الأقصى في تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم وعمد المستوطنون إلى أداء طقوسهم وصلواتهم في المسجد، لا سيما في المنطقة الشرقية منه، وعند أبوابه، علاوة على رفع علم دولة الاحتلال في المسجد في 2022/11/6.
وشارك في الاقتحامات كلّ من عضوي “الكنيست” شارن هسكل من حزب “المعسكر الرسمي”، وإسحاق فاسيرلاوف من حزب “القوة اليهودية” الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، وصرّح فاسيرلاوف قائلاً إنّ “جبل المعبد أقدس مكان للشعب اليهودي، وسنحميه”.
وفي تصريح متلفز، قال عضو “الكنيست” عن حزب “القوة اليهودية” عميشاي بن إلياهو: “سنعود إلى الأيام التي كان فيها جبل المعبد بأيدينا، ونقول بوضوح إنّه يجب أن تكون هناك صلوات يهودية على الجبل”؛ وبن إلياهو هو صديق مقرّب من إيتمار بن غفير الذي تعهد بتصعيد العدوان على الأقصى في حال تولّيه وزارة الأمن الداخلي.
وفي 2022/11/24، حاول مستوطنون إدخال صورة للمعبد المزعوم إلى الأقصى، لكن حراس المسجد أحبطوا المحاولة.
الاحتلال يواصل أعمل توسيع جسر باب المغاربة ويعطّل عمل الأوقاف في الأقصى
تابعت طواقم الاحتلال أعمال التوسعة والتدعيم لجسر باب المغاربة الذي يقتحم المستوطنون المسجد الأقصى عبره، وهذه الأعمال تأتي ضمن مخطط لتسهيل اقتحام الأقصى وزيادة أعداد المشاركين في الاقتحامات.
وفي سياق الاعتداء المستمر على عمل الأوقاف، منعت عناصر أمن الاحتلال، في 2022/11/30، طواقم لجنة الإعمار التابعة لدائرة الأوقاف الاسلامية موظفي من إكمال أعمال تركيب شبابيك المصلى القبلي التي حطمتها قوات الاحتلال خلال عدوانها الأخير على المرابطين المعتكفين في المصلى.
بن غفير يتعهد بتغيير وضع صلاة المستوطنين في الأقصى
تعهد زعيم حزب “القوة اليهودية” المكلف بمنصب وزارة “الأمن الداخلي” إيتمار بن غفير، بالعمل على تغيير الوضع القائم حاليًا بشأن صلاة المستوطنين اليهود في الأقصى، علاوة على تشريع البؤر الاستيطانية، وتغيير تعليمات “فتح إطلاق النار” على الفلسطينيين.
وفي ردّ على سؤال مذيع قناة “كان” العبرية حول ما إذا كان سيسمح بصلاة المستوطنين في الأقصى بشكل علني، قال إنه بصفته وزيرًا للأمن الداخلي سيفعل كل شيء لمنع ما قال إنّها “سياسات عنصرية” في المسجد الأقصى.
وحول “قوات الحرس الوطني” التي سيشكلها، قال بن غفير: “نريد حرسًا وطنيًا كبيرًا، وقرار تشكيله صدر من الحكومة المنتهية ولايتها.. نحن لا نريد أن تتكرر أحداث حارس الأسوار (هبة الكرامة/سيف القدس)”.
وفي 11/25، وقع حزب “الليكود” بقيادة بنيامين نتنياهو المكلّف بتشكيل الحكومة، اتفاقًا مع حزب “القوة اليهودية” بزعامة إيتمار بن غفير، يحصل بموجبه الأخير على منصب وزير الأمن القومي، وهي وزارة الأمن الداخلي بالمسمى الجديد وبصلاحيات واسعة سيحصل عليها بن غفير بناءً على طلبه.
مواقف فلسطينية ترفض تصريحات بن غفير وتحذّر من تداعياتها
أكّد رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري “أن الفلسطينيين لن يسمحوا لزعيم حزب “القوة اليهودية” المتطرف إيتمار بن غفير أو لغيره، بالمساس بحرمة المسجد الأقصى”.
وحمّل الشيخ صبري حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تهديدات المتطرف بن غفير بشأن المسجد الأقصى، واصفًا تصريحاته بـ “العنصرية والمرفوضة” ولا يُعوّل عليها بأي شيء.
وبيّن صبري “أن تهديدات بن غفير تزيد من توتر الوضع العام في المسجد الأقصى، والصدام مع المصلين المسلمين في باحاته”، ودعا خطيب الأقصى أهل القدس إلى اليقظة والانتباه لصد محاولات المستوطنين الاستفزازية، وعدم إفساح المجال لهم بالاعتداء على المقدسات.
وحذرت الخارجية الفلسطينية من تغيير “الوضع القائم” في الأقصى، وقالت الوزارة إنّ الاتفاقيات التي وقعها نتنياهو مع بن غفير تعطي الأخير “صلاحيات واسعة لممارسة سياسته ومواقفه الاستعمارية العنصرية ضد المسجد الأقصى المبارك وسعيه لإحداث تغييرات جذرية واسعة النطاق على الواقع التاريخي والقانوني القائم”. وبينت الوزارة أنهّا “تنظر بخطورة بالغة” لنتائج وتداعيات اقتحامات الأقصى، ودعت المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى “إبداء أعلى درجات الاهتمام واليقظة والحذر من المخاطر التي تشكلها تلك الاقتحامات بما يرافقها من أداء طقوس تلمودية في باحات المسجد، خاصة في ظل حكم نتنياهو بن غفير وأتباعهما”.
ولفتت الخارجية إلى أن هذه الاقتحامات “تندرج في إطار محاولات دولة الاحتلال تكريس التقسيم الزماني للمسجد ريثما يتم تقسيمه مكانيًا إن لم يكن هدمه بالكامل وبناء المعبد المزعوم مكانه”.
كما حذرت من “مفاهيم ورؤى تدعو إلى تحويل طابع الصراع من سياسي إلى ديني” يحملها نجاح اليمين واليمين المتطرف في انتخابات “الكنيست” التي أُجريت مطلع الشهر الماضي، وأكدت أن أي تغييرات في واقع المسجد تعدّ “تهديدًا مباشرًا بتفجير ساحة الصراع والمنطقة برمتها”.
ودعت إلى سرعة التحرك العربي والإسلامي “لتنسيق جهودهما والاتفاق على برنامج عمل لتوفير الحماية الدولية اللازمة للقدس ومقدساتها.