خالد عودة الله – باحث ومختص في الشأن المقدسي
بعد الاطلاع على مجموعة من الوثائق والمستندات الخاصة بمدرسة اليتيم العربي – وعر أبو هرماس ( عطروت)، وتحليل للواقع الاستيطاني في المنطقة، وبعد دراسة مهنيّة بحتة بعيداً عن شخصنة القضية والدخول في عالم النوايا ودون الإغراق في تفاصيل القضية المتراكمة عبر سنوات طويلة، يمكننا قول التالي كتقدير للموقف وتوصيات للعمل:
- تقع أراضي المدرسة في المنطقة الصناعية عطروت وهي منطقة ذات أولوية معلنة في المسعى الاستيطاني على المحور الشمالي لمدينة القدس،من هنا فأراضي المدرسة البالغة حوالي 40 دونماً مستهدفة استيطانيا بالمصادرة حيث تشكل المكون الأكبر في الجيب العربي في داخل المستوطنة الصناعية، ومما يضاعف من خطر المصادرة مجاورة أراضي المدرسة لمغارة وعر أبو هرماس المسماة صهيونياً بمغارة عطروت(لا يفصلها عنها سوى الشارع من جهة الجنوب) أكبر مغر فلسطين حجما والتي يخطط الاحتلال الى تحويلها الى “متنزه قومي”، وتتحجج ما تسمى “سلطة الحدائق القومية” بتعثر التنفيذ لكون المغارة تقع في منطقة ذات اشكال أمني لمجاورتها “لمؤسسة تعليمية عربية” يتواجد فيها مئات الطلاب العرب.
- بالنظر إلى حيثيات الوضع القانوني لملكية أراضي الجمعيّة، فإن تهديد المصادرة من قبل حارس أملاك الغائبين هو تهديد حقيقي وجدّي، ومما يزيد من حدّة هذا التهديد،وجود أراضي المدرسة ومبانيها وسط محيط محسوم استيطانياً، مما يحرم أي مسعى قانوني مضاد من الاستفادة من الاعتبارات السياقية المُعطلة لتطبيق قرار وضع اليد من قبل حارس أملاك الغائبين بحسب قرارات ما يسمى “محكمة العدل العليا”.
- إنّ أي توجه استثماري يتضمن أعمالا انشائية جديدة، يتطلب الحصول على ترخيص للبناء كما هو معروف، في الآونة الأخيرة جرى تفعيل نشط لدور مأمور التسوية وحارس أملاك الغائبين كأحد متطلبات الحصول على تراخيص بناء، وهنالك العديد من مشاريع البناء التي جرى تجميدها ذاتياً من قبل أصحاب الأراضي المقدسيين خوفاً من تدخل حارس أملاك الغائبين ومن ثم مصادرتها، وبالتالي فإنّ أي توجه استثماري إنشائي بالضرورة يعني استدعاء مباشر لحارس أملاك الغائبين للنظر في الوضع القانوني لأراضي ومباني الجمعية،وبصرف النظر عن هوية المستثمرين وطبيعة العلاقة ما بينهم والجمعية.
- بالنظر إلى الحيثيات المتعلقة بالوضع الحالي لتسجيل الجمعية وتعدد الأجسام القانونية المنبثقة عنها، فهناك إشكاليات قانونية؛ تتعلق بالملكية واستمرارية الجسم القانوني الحالي لما سبقه، ومسألة الاتساق مع النظام الداخلي المحدد لأهداف ونشاطات الجمعية؛ وكل واحدة من هذه الإشكاليات تعتبر مدخلا محتملاً لخطر التصفية من قبل مسجل الجمعيات.
- الحفاظ على الوضع القائم للمدرسة كمؤسسة تعليمية فاعلة مع الاستفادة القصوى من المباني والمرافق الحالية هو الخيار العقلاني والصحيح بالنظر في هذا الظرف.
- واضح أن أصحاب القرار في الجمعية مفصولين عن تعقيدات الواقع المقدسي، وأن الجمعية بحاجة إلى اعادة هيكلة ادارية تتسق والتحديات والمخاطر المحدقة، وعلى أي رؤية تطويرية أن تبنى على رأي مهني ودراسة من ذوي الاختصاص والعارفين بدقائق الأنظمة والقوانين والسياسات “الإسرائيلية” في القدس، وبمشاركة كل الأطر الشعبية المهمومة بقضية المدرسة.