ا
يومٌ عصيبٌ شهدته القدس، وشهده المسجد الأقصى اليوم، بالتزامن مع ما يسمى بـ “يوم توحيد القدس”، فبعد أنّ غيّر الاحتلال موعد المسيرة من يوم الجمعة 19/5/2023، إلى يوم الخميس 18/5/2023، بدا المشهد اليوم وكأنه “استعراض قوة” للاحتلال في القدس، عبر الحشود العسكرية لقوات الاحتلال ومشاركة العديد من الشخصيات في حكومة الاحتلال في اقتحام المسجد الأقصى، ومشاركة نحو 1000 مستوطن في الاقتحام.
وفي هذا السياق استطلعت وكالة بيت المقدس الإخبارية أراء عدد من المختصين والباحثين للقضية الفلسطينية وقضية القدس والمسجد الأقصى حول ما جرى اليوم من اقتحام مركزي للأقصى.
تحدٍ من الاحتلال
حرص الاحتلال في اقتحامه هذا اليوم للأقصى لإيصال رسالة تحدٍ واضحة للشعب الفلسطيني ومقاومته، ويرى الباحث والمختص في الشأن الصهيوني، محمد هلسة، بأنّ الاحتلال يهدف من خلال ما ينفذه الآن في القدس من استعداد لـ “مسيرة الأعلام” واقتحام للأقصى بإيصال رسالة تحدٍ للفلسطينيين يقول من خلالها بأنّ ما تم تثبيته من معادلات ردع قد تم تبديدها، أمّا سامر خليل، الباحث في الشأنين المقدسي والصهيوني، فقد قال في تصريحٍ لوكالة بيت المقدس” ما يجري اليوم تحدٍ ورسالة للحكومة نفسها من أنّ اليمين هو الذي يتحكم بالحكومة؛ وفي ذات الوقت رسالة للشعب الفلسطيني بأن القدس تحت السيطرة (الإسرائيلية)”.
استعراض صهيوني
منذ أنّ تشكلت حكومة الاحتلال الصهيوني الحالية، وهي حريصة على الحفاظ على مشهد استعراض القوة أمام جمهورها فيما تذهب إليه من خطوات من التصعيد على مختلف مستويات المواجهة، وميادينها، ومن أبرزها القدس، ويقول محمد هلسة: ” الاستعراض، وقطف ثمار الحالة هو سيد المشهد الذي يعتقد هؤلاء أنه يميل إلى صالح حكومة الاحتلال واليمين المتطرف، بعد خروج الاحتلال من المواجهة مع غزة دون شروط “كما يعتقدون”، وهناك توجه في المجتمع الصهيوني بأنّ الاحتلال قد حقق الردع، فهذه فرصة لهؤلاء بالتباهي والاستعراض، ونواب ووزراء اليمين الصهيوني الحاكم حريصون على استخدام هذا الاستعراض لاكتساب المزيد من النقاط أمام جمهورهم الانتخابي”.
تبديد معادلة “سيف القدس”
شكلت معركة “سيف القدس” محطة محورية من محطات المواجهة مع الاحتلال، عززت من معادلة الردع التي شكلتها المقاومة تجاه أي محاولة صهيونية للاعتداء على المسجد الأقصى، ولذلك وعلى مدار سنتين متتاليتين، سعى الاحتلال لتبديد هذه المعادلة عبر أكثر من جولة من جولات المواجهة، وبحسب جمعة التايه، الباحث والمختص بالشؤون الصهيونية، فلم يمر يومٍ منذ “سيف القدس” إلا ويسعى الاحتلال من خلال لتبديد معادلة الردع التي خلقتها المعركة، عبر العشرات من الاقتحامات والطقوس “التلمودية”، وفي ظل الارتباك الذي تعيشه المنظومة الأمنية الصهيونية في الضفة، فإنها تسعى اليوم لخلق أي حالة تقدم نوعي في المسجد الأقصى، والقدس.
وفي ذات الوقت تسعى الجماعات الاستيطانية ومنظمات “المعبد” لخلق حالة نموذجية للاقتحامات المقبلة للأقصى، ويقول محمد هلسة: “قد رأينا ما حشده الاحتلال من قوات للشرطة و”حرس الحدود” لطمأنة المقتحمين بأنهم بعيدون عن مرمى رصاص المقاومة أو صواريخها، وفي الحقيقة إن تمت الأمور اليوم كما يخطط لها الاحتلال فنحن أمام سابقة قد يتخذ منها الاحتلال محطة للانطلاق في محطات جديدة من العدوان بكافة أشكاله وتجاليّاته تجاه الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته”.
مشهد قوة يستبطن الضعف
على الرغم مما يظهر في الصورة العامة للمشهد اليوم من استعراض للقوة من قبل الاحتلال، ومحاولات لاستفزاز الشعب الفلسطيني، والأمتين العربية والإسلامية، إلّا أنّ هذا المشهد يستبطن حالة من التخبط الأمني والتراجع من قبل الاحتلال، ويتجلى ذلك في تقديم الاحتلال للمسيرة، بيوم واحد عن موعدها الأصلي، وعجز منظمات “المعبد” عن حشد ربع العدد الذي خططت لأن يقتحم الأقصى اليوم، ويقول الشيخ ماهر حمّود، رئيس اتحاد علماء المقاومة في لبنان: ” اجراءات الاحتلال الامنية المكثفة تحضيرا لمسيرة الأعلام أصدق تعبير عن ضعفه. يقول المحتل أن القدس هي أرض واحدة ومدينة واحدة وعاصمة كيانه كما يزعم وهذا لن يكون على الاطلاق لا في الحاضر ولا في المستقبل، أمْا زياد ابحيص، الباحث المختص في الشأن المقدسي، فيرى أنّ شرطة الاحتلال مسكونة بالخوف، فيما يخص العدوان على القدس والأقصى اليوم، ويقوب ابحيص: ” هذه البيانات والمنشورات تعبر عن مدى خوف شرطة الاحتلال من التحركات المضادة لاقتحام الأقصى ومسيرة الأعلام؛ وحاجتها لتثبيط أي تحرك بالتضليل والتحايل بينما هي تنشر 5,500 من عناصرها في محيط البلدة القديمة لفرض العدوان”.