راسم عبيدات
ما جرى بالأمس الثلاثاء في ذكرى ما يعرف بخراب الهيكل الأول،التاسع من آب على يد الملك البابلي نبوخذ نصر من حيث التوقيت وحجم الإقتحامات ونوعيتها،يؤشر الى ان هناك تطور نوعي وخطير ينتظر مصير المسجد الأقصى يتعدى قضية التقسيمين الزماني والمكاني، ويعبر عن سياسية ” اسرائيلية” ممنهجة يجري توزيع الأدوار فيها،ولا يغرنكم قول نتنياهو بأن الموضوع السياسي الخاص بالأقصى من صلاحيات رئيس الوزراء،وبأنه سيحافظ على ” الإستاتيكو” القائم،ولا يوجد مشاريع خاصة لهذا الوزير أو ذاك في الأقصى،وليرد عليه بن غفير الذي قاد هذا الإقتحام، بأنه سيستمر في الإقتحامات،وبأن ” شعب اسرائيل”،سيصلي في كل الأماكن،بما في ذلك ” جبل الهيكل”،نحن نعلم بأن بن غفير لا يأبه بتحذيرات وتهديدات نتنياهو،فهو وسموتريتش كممثلين للصهيونية القومية والدينية وشركاء في حكومة نتنياهو،يمسكان بعنق القرار السياسي لنتنياهو،فبن غفير اقتحم المسجد الأقصى منذ توليه لوزارة الأمن القومي ” الإسرائيلي” ست مرات،وفي تبريرها لتلك الإقتحامات،قدمت “اسرائيل” نفس الحجج والذرائع،بأنها ستحافظ على الوضع القائم…التوقيت يأتي في ظل دعوة رئاسية أمريكية – مصرية – قطرية للتفاوض يوم غد الخميس ،ونتنياهو الذي قال وزير حربه غالانت بأنه المسؤول عن تعطيل صفقة تبادل الأسرى،وتشاطره وجهة النظر هذه صحيفة ” نيويورك تايمز ” الأمريكية، بأن نتنياهو يضع شروطاً جديدة للتفاوض…ولذلك هذا الإقتحام وبهذا الحجم وبهذا التوقيت مدروس ،وجزء من سياسة نتنياهو للتصعيد وإفشال خطة الوصول الى اتفاق يوقف إطلاق النار في قطاع غزة ويحقق اتمام صفقة تبادل الأسرى،ولعل عنوان هذا الإقتحام “تجديد العهد لبناء الهيكل” وشعاره “طوفان الهيكل”،يحمل دلالة عميقة،بالقول لقوى المقاومة وفي قلبها حماس، طوفان اقصاكم والذي قلتم بأن واحد من اهدافه ،حماية الأقصى والقدس،نحن نقول لكم بأنه لا سيادة ولا سيطرة على الأقصى خارج السيادة ” الإسرائيلية” .
هذا الإقتحام غير المسبوق، يدفع بالأمور نحو أعلى درجات التصعيد، وبن غفير يعتقد بأن حالة “الموات” العربي- الإسلامي،وعجز دول النظام الرسمي العربي المنهار،ليس فقط بعدم القدرة على تقديم الدعم لغزة وأطفالها،بل وللأقصى أيضاً،وصولاً الى عدم القدرة على الكلام، بحيث باتت تستنكر وتشجب في سرها،يوفر له الفرصة،لكي يكرس وقائع جديدة في الأقصى دينية وقانونية.
هذا الإقتحام الواسع بأعداد كبيرة جداً من المتطرفين وصلت الى 2958 متطرفاً ،وإطلاق الشعارات العنصرية وشعارات “شعب اسرائيل حي”، والنفخ في البوق ورفع أعلام الهيكل و”اسرائيل” في ساحة المسجد الأقصى،وأداء الطقوس التلمودية والتوراتية من سجود ملحمي، انبطاح المستوطنين على وجوههم كأعلى شكل من أشكال الطقوس التلمودية والتوراتية، وكذلك الصلوات العلنية وحلقات الرقص والغناء،وترافق ذلك مع إستفزازات واعتداءات على المواطنين الفلسطينيين واصحاب المحال التجارية،والإعتداء بحماية الجيش والشرطة على من اتوا من المصلين لأداء صلاة الفجر،كله يؤشر بأن هذا الإقتحام وفي هذا الظرف بالذات،يراد له أن يوفر للصهيونية اليهودية بشقيها القومي والديني، الفرصة الكبيرة لفرض وقائع جديدة في الأقصى تغير من طابعه الديني والقانوني والتاريخي،وبما يتجاوز قضيتي التقسيمين الزماني والمكاني الى توفير حياة وقدسية لليهود في المسجد الأقصى،أي الشراكة في المكان ،وأن يصبح المسجد الأقصى،ليس مسجد إسلامي خالص،خاص باتباع الديانة الإسلامية،بل ذو قدسية مشتركة إسلامية – يهودية على طريق الإنتقال للخطوة الفعلية اللاحقة بالعمل على بناء الهيكل الثالث مكان المسجد القبلي.