زياد ابحيص – باحث متخصص في شؤون القدس

صباح اليوم الأحد 28-8-2022 أخرجت شرطة الاحتلال مجموعة من المتطرفين الصهاينة الذين رقصوا وغنوا في المسجد الأقصى، وقد أخرجتهم من باب الأسباط شمال شرق المسجد الأقصى باتجاه ساحة الغزالي، ثم بعد احتجاجهم أنهم لم يشاركوا جميعاً في الرقص، أعادتهم شرطة الاحتلال برفقتها إلى الأقصى من باب الأسباط، لتفرض بهذه الحيلة المتفق عليها بين الطرفين أول اقتحام يهودي للمسجد الأقصى المبارك من باب الأسباط منذ بدء مسار العدوان الحالي في عام 2000، بل ربما يكون الأول منذ الاحتلال عام 1967 إذا ما استثنينا الشهور الأولى لاحتلال المسجد، وهو ما احتفت به مباشرة جماعات الهيكل المتطرفة وأبرزته الصحافة العبرية، ما يؤكد التبييت المسبق لهذه السابقة، وهنا لا بد أن نتنبه لمجموعة من المقدمات المهمة:

أولاً: جاء هذا العدوان في يوم احتفال المتطرفين اليهود بمطلع شهر أيلول العبري، والذي يُعد الصهاينة في نهايته لرأس السنة العبرية وتكرار تجربة نفخ البوق في المسجد الأقصى، ما يتفق مع كونه تحضيراً مبيتاً لذروة مقبلة من العدوان على الأقصى.

ثانياً: استهداف باب الأسباط قديم ومستمر، ففي القدس بابان يحملان هذا الاسم، أحدهما في سور البلدة القديمة وهو بابها الوحيد المفتوح من جهة الشرق، والثاني هو باب المسجد الأقصى الواقع إلى يسار الداخل من الباب الأول وتفصلهما عن بعضهما ساحة تعرف بساحة الإمام الغزالي.

في الصورة رقم 1 أدناه يظهر مشروع “مدرج الأسباط” الذي كشف عنه عام 2007 ضمن مخطط القدس القديمة ليكون نقطة تجمع للمستوطنين شرق المسجد الأقصى توازي ساحة البراق غربه.

ثالثاُ: في مشروع التقسيم المكاني للمسجد الأقصى والذي أقره حزب الليكود داخلياً في عام 2012، في الخريطة التي تحمل رقم 2 أدناه، يظهر باب الأسباط إلى يسار الصورة كأحد الأبواب المقترحة لدخول اليهود للساحة الشرقية للأقصى بعد اقتطاعها لصالح المتطرفين الصهاينة كما كانوا يحلمون.

رابعاً: في عام 2017 كانت ساحة الغزالي وباب الأسباط مركز الإجراءات الصهيونية لفرض البوابات الإلكترونية ومسارات العبور الحديدية والجسور العلوية والكاميرات في هبة باب الأسباط، كما تظهر الصورة 3 أدناه.

خامساً: في 12-2017 بات باب الأسباط مركز احتفال الصهيوني سنوي بعيد الأنوار “الحانوكاه” وإشعال الشمعدان ملاصقاً للباب للمطالبة بإدخال طقوس الشمعدان إلى داخل المسجد الأقصى كما في الصورة رقم 4 أدناه.

سادساً: في 16-4-2020 ركبت سلطات الاحتلال حواجز معدنية مع إشارة مرور في الطريق الداخل من باب الأسباط إلى البلدة القديمة لتعزيز سيطرتها على مرور السيارات والمارة عبره، وتركيبها موثق في صورة 5 أدناه.

سابعاً: في شهر 12-2020 بدأت سلطات الاحتلال عملية قضم للمقبرة الوسفية المطلة على باب الأسباط واستأنفته في شهر 10-2021، وإن كان لهذا المشروع سياق آخر إلا أن تعديل حركة المارة والحد من الوصول إلى باب الأسباط كان أحد الأهداف المباشرة لهذا العدوان.

باختصار وكل وضوح: الاقتحام من باب الأسباط اليوم ليس مجرد اجتهاد لشرطي، بل هو تجديد لخط تاريخي يتطلع إلى استحداث بؤرة دخول للأقصى من الجهة الشرقية توازي باب المغاربة من الجهة الغربية، واستدعاؤه في هذه اللحظة يأتي في سياق التحضير للعدوان الطويل المقبل الذي سيمتد ما بين 27-9 وحتى 17-10-2022، أي بعد شهر من اليوم.

الأقصى يسنغيث