هيئة التحرير| وكالة بيت المقدس للأنباء

أُسدِل الستار عن الفصل الأخير من مسرحيّة أو الأصحّ مؤامرة تسريب أوقاف باب الخليل الأرثوذكسيّة، وما زال البطريرك ثيوفيلوس ومحاموه والناطقون باسمه ينتهجون التهريج والكذب في هذه القضية، مع سبق الإصرار، وكأنّه المُدافع الأشرس عنها، في حين صفّى غالبية أملاك وأوقاف البطريركية في البلاد عامة، وفي القدس خاصة، لمؤسسات وجِهات صهيونية ناشطة في تهويد القدس وتغيير طابع الأرض في فلسطين عامة.

وننوه هنا أن من بادر بالتوجه للقضاء هي شركات الاستيطان وليس ثيوفيلوس الذي لم يبادر لذلك بل بالعكس تماما فور انتخابه بطريركاً بشطب القضية التي قدمها البطرك المعزول ايرينيوس لإلغاء الصفقة المشينة واكثر من ذلك قام بعزله وسجنه داخل البطريريكيّة حتى انتهاء المداولات في المحاكم، ووصل إلى حد عدم استدعاءه للأدلاء بشهادته امام القضاء خاصة انه الشخص المتهم بإبرام الصفقة المشينة وهو الشاهد الأكثر اهميّة بالقضيّة.

ولذلك لا يجب محاسبة ثيوفيلوس ليس على نتيجة المحكمة فحسب بل على التقاعس المتعمد من قبله ومن قبل محاميه الذي أدى لخسارة القضية امام المحاكم.

تسلسل القضية

ظهرت القضيّة في آذار عام 2005، حين نشرت الصحف العبرية أخبارًا عن صفقة مؤامرة بيع 5 عقارات بالقدس، ومنها عقار فندق الإمبريال وفندق البتراء الواقعان في منطقة باب الخليل والمحاذيان تمامًا لساحة عمر بن الخطّاب في عهد البطريرك السابق إيرينيوس.

2008 – قدّمت شركات الاستيطان إلى المحكمة طلبًا (قضيّة رقم 2035/08) لتأكيد نفاذ قانونيّة الصفقات بحقّ 3 عقارات من أصل 5 عقارات، واستمرّت المحاكمة طيلة سنوات حيث اعترفت البطركيّة بالصفقتين الأُخْرَيَيْن الموقّعتَيْن مع شركات الاستيطان

30/7/2017 – المحكمة المركزية بالقدس تصدر قرارًا  يؤكّد نفاذ الصفقات قانونيًّا لصالح 3 شركات الاستيطان بثلاثة مواقع (الامبريال والبتراء وبيت المعظّمية بباب حُطّة) قرار  يشير بوضوح إلى تواطؤ البطريركيّة مع شركات الاستيطان ويؤكّد تخاذلها في دفاعها القانوني وعدم تقديم تصاريح قانونية وتغييبًا مقصودًا لشهود من طرفها ومنهم محامو البطريركية آنذاك (مكتب المغربي)، والتنازل عن ادعاءات قانونية كانت قد ادّعتها بلائحة ردها للمحكمة أهمّها عدم وجود قرار مجمع يقرّ هذه الصفقات

29/10/2017 – على أثر قرار المركزيّة السابق، قدّمت البطريركية استئنافًا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية تكرر فيه ادعاءاتها الواهية والضعيفة، وبتقديرنا لا لسبب إلّا لتثبيت قرار المركزية السابق ذكره بقرار يَصْدر عن العليا وتحويل سيطرة شركات الاستيطان على عقارات باب الخليل على أنّه أمر نهائي لا رجعة فيه.

10/6/2019 – صدر قرار  العليا برفض استئناف البطريركيّة من تاريخ 29/10/2017 وهكذا تحوّل قرار  المركزية الإسرائيلية رقم 2035/08 الى قرار نهائي مُحكم. كتبنا مجدَّدًا تقريرًا قانونيًّا نؤكد فيه تواطؤ البطريركية مطعَّمًا بما حواه قرار القاضي من إشارات لتواطؤ البطريركية وتخاذلها بالدفاع عن حقها بالعقارات.

5/8/2019 – بعد صدور قرار المحكمة  العليا الذي ردّ استئناف البطريركية على قرار  المركزية (2035/08) بشهرين، واستنادًا إلى تصريح المدعو تيد بلومفيلد، قدّم ثيوفيولس والبطريركية قضيّة جديدة للمحكمة المركزية بالقدس ضد ثلاث شركات الاستيطان التابعة لعطيرِتْ كوهانيم (اللواتي كنّ المدعيات في قضية 2035/08) ادّعى فيه ثيوفيلوس وبطريركيته أنّ قرار المركزية صدر بالغش والخداع وبتشويش المسار القضائي وشهادات زور وإخفاء مستنَدات،

24/6/2020 – قرّرت  المركزية، بعد عقد جلسة سماع أوّليّة للطرفين، رفض طلب البطريرك والبطريركية لعدة أسباب، ومنها أنّ تصريح المدعو تيد بيلموفيلد لا يشير إلى ما يُعْرَف بصفقة باب الخليل، بل إلى اتفاقية بيع حقوق مفتاحية جرت عام 1996 (فندق البترا)، بينما الاتفاقيات التي هي موضوع القضية وُقّعت عام 2004، كما أنّه لم يكن حاضرًا عند عقد صفقات باب الخليل، ولم يكن له اطّلاع على مجرياتها،

9/8/2020 – قدّمت البطريركية استئنافًا إلى المحكمة العليا على قرار المركزية الصادر في 24/6/2020.

8/6/2022 – رفضت العليا الاستئناف بقرار نهائيّ، وفيه أشارت أنّ الأدلة الجديدة المقدَّمة تثبت وجود فساد في البطريركية، لكن علاقتها بصفقة باب الخليل غير قائمة.

إنها مسرحية ومهزلة مؤلمة أُسدِل الستار عليها منذ تولّي ثيوفيلوس سدّة البطريركية وتراجُعه عن تعهُّداته الخطّيّة أمام الأردن وفلسطين، وتنفيذ تعهداته للجانب الإسرائيلي كاملة. لقد كانت فصول المسرحية واضحة وضوح الشمس لا لبس فيه، لا من قَبيل التحليل أو الضرب بالمندل، بل من قراءة مَحاضر جلسات ثيوفيلوس مع اللجان الرسمية والمؤسسات الإسرائيلية للاعتراف به بطريركًا والتزاماته التي قدّمها لهم ونفّذها مضاعفة لمصلحة الدولة والاستيطان الإسرائيليّ بعشرات صفقات البيع المبْرَم.