أيمن اللبدي – سياسي وأديب فلسطيني

مبارك لابناء الاخوة والاخوات والعائلة والأصدقاء والزملاء عمومًا اجتياز شمعاتهم وفرسانهم هذا الاختبار٠

حقًا مبارك لطلبة فلسطين وصولهم لاختبار الثانوية، ومبارك أيضًا لمن اجتازه، ومبارك لمن تفوّق فيه، واستمرار ذلك في وطن محتل تمارس عليه كل أنواع الكيديات من كل القوی الدولية هو انتصار مؤكد لشعب يستحق.

مهم أيضًا أن تكون التهنئة للجسم التعليمي الذي ينقل الخبرات، لجهدهم ومثابرتهم، ومهم أن تكون التهنئة ايضا لعائلات هؤلاء الطلبة، لأنها مساهم فعال في استمرار هذا المسار، وبارك الله جهد الجميع، لكل حسب.

التعليم في فلسطين كان أقدم عملية تعليمية متصلة ومنتجة في العالم العربي كله، قبل حكومة الانتداب《الجريمة الدولية》وبعدها، وهنا أذكر جدي لأمي عبدالرحمن عبدالباقي اللبدي (أبو معاوية) رحمه الله، حصل على إجازة عالمية من الأزهر الشريف عام 1932، وطاف يٶدي واجبًا تعليميًا في كل فلسطين المحتلة، من الناصرة حتى فرعون، اتقن خمس لغات وترجم عشرات النفائس، شخصيًا التهمت ما وصل لي من معرفة من خلال اوراق تركها، قبل ان يستشهد في العام 1948.

المعلمون الفلسطينيون بنوا اوطانا كاملة للعرب وغير العرب، وأسسوا لأنهار من المعرفة في كل مكان استطاعوا الوصول اليه، مهما كان الوضع اليوم، عليكم أن لا تنسوا أيها الطلبة، إنكم فرع لسلالةٍ عظيمة، وشجرةَ زيتونٍ كبيرة عامرة قدسية اختارها الله، ونفع بها البلاد والعباد.

نحن قمنا بدور حضاري عظيم مٶسس لغيرنا رغم تشريدنا وبتر تواصلنا الاجتماعي والانساني، التعليم حولنا من لاجٸين لمقاتلين، وعليه أن يحولنا إلی محررين وطنيين وقوميين.

العملية التعليمية في فلسطين ميكانيكية، كانت كذلك ولا زالت كذلك، ولذا هي لا زالت تنتج نفس العملة، مع فارق أن قيمة هذه العملة تنخفض باضطراد، ولا زال قول الناس (مترك) فلسطين فيما مضی أفضل من (بكالوريوس) هذه الأيام، وتلك إشارة صحيحة وملاحظة سليمة.

صحيحٌ أن البنی الفوقية جميعها دون حرية تكون قيمتها الفعلية أصلًا خفيفة الوزن، أحيانًا تصبح نوع من العادة الضرورة، لكن في ذات الوقت التعليم من دون سواها هو أخطر أدوات النقل والتغيير والتعديل لاي حياة من أي نوع، ممكن أن تحرر أوطانًا، وممكن إن ترفع أوطانًا.

يتطلب ذلك إدارةً سليمة مخلصة، ونوايا نظيفة مٶصلة، وإرادة حقيقية متواصلة، وهو ما لم نلمس له طيلة نصف قرن وجود وازن، نأمل وندعو ان يتغير ذلك، لكن هذا لا يعني ان فلسطين ليست قادرة علی فعلها، إن نجت من العاديين والهامشيين٠

عند حرية وطننا، يمكننا فقط أن نستعيد دورنا الحضاري المسروق والمتآمر عليه من الشرق والغرب، وبقية الجهات، تذكروا ذلك جيدًا.

مجدداً مبارك وتهنئة مستحقة.