يوافق يوم 28 شباط الذكرى الـ 28 لعملية الاستشهادي القسامي مجدي أبو وردة، من مخيم الفوار في الخليل، والتي نفذها في القدس المحتلة، والتي تتزامن أيضاً مع العملية الاستشهادية التي نفذها إبراهيم السراحنة، من مخيم الفوار أيضاً، في عسقلان.
جاءت العمليتان الاستشهاديتان ضمن سلسلة من العمليات أطلق عليها (عمليات الثأر المقدس) والتي جاءت رداً على اغتيال الاحتلال الإسرائيلي للمهندس يحيى عياش، وكانت العمليتان من أول عمليات هذه السلسلة.
حياة الشهيد مجدي قبل العملية
ولد الشهيد مجدي محمد محمودة أبو وردة بمخيم الفوار جنوب الخليل في 23/5/1977، وهو الثاني بين إخوانه وأخواته الأحد عشر، لأسرة فلسطينية لاجئة من بلدة عراق المنشية المحتلة منذ العام 1948.
درس أبو وردة المراحل الابتدائية والإعدادية في مدارس مخيم الفوار، ثم أكمل المرحلة الثانوية في مدرسة طارق بن زياد في مدينة الخليل.
لم يوفق بالنجاح في الثانوية العامة (التوجيهي)، فقرر التوجه إلى معهد التدريب المهني للحصول على دورة في البلاط ليعتاش من ورائها.
ومنذ نعومة أظافره، حرص الشهيد أبو وردة على الالتزام بالصلاة في المسجد وكان من رواد مسجد مخيم الفوار القديم، وكان محباً لكرة القدم وتربية العصافير والإنشاد.
وتقول انتصار أبو وردة، والدة الشهيد مجدي: “كان مجدي حرك ونشيط، ومن الصف الثالث إعدادي وهو كل صلواته بصليها في الجامع”، أما شقيق مجدي فيؤكد على أن طفولة مجدي كانت كما هي طفولة معظم شباب مخيم الفوار، فقد عاشر الانتفاضة الفلسطينية الأولى، وكان يحب لعبة الجيش والعرب.
وخلال دراسته في مدرسة طارق بن زياد في الخليل، كان الشهيد مجدي مواظباً على استهداف المستوطنين في عمارة “الدبويا” وسط الخليل، كما تقول والدته، وكان مجدي من الناشطين في الانتفاضة الفلسطينية الأولى واشترك في معظم المواجهات التي شهدها مخيم الفوار.
الجهاد والشهادة
على الرغم من عدم تعرضه للاعتقال من قبل قوات الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى، كما هو حال رفيقه إبراهيم، إلّا أنّ الشهيد مجدي قد انضم لكتائب عز الدين القسام بعد مجزرة المسجد الإبراهيمي في الخليل، وعملية اغتيال الشهيد يحيى عياش.
وفي حديث أدلى به الأسير حسن سلامة، مهندس عمليات (الثأر المقدس) لموقع الويب لكتائب الشهيد عز الدين القسام في العام 2018، أكد سلامة على أنّ الأسير محمد أبو وردة، من مخيم الفوار، والذي لا يزال يقبع في سجون الاحتلال، هو من جنّد الشهيدين إبراهيم ومجدي لتنفيذ المرحلة الأولى من عمليات (الثأر المقدس).
أمّا عملية نقل الشهيد أبو وردة، فقد تكفل بها الأسير المحرر في صفقة وفاء الأحرار المقدسي أيمن الرازم، وقد تم إدخالهما على أنهما صحفيان، وتم إعداد قصات شعرهما ولبساهما بما يتناسب مع ذلك.
وقبيل الانطلاق للعملية اجتمع الشهيدان أبو وردة وسراحنة في أحد البيوت بأبو ديس، شرق القدس، بصحبة أيمن الرازم، والأسيرين أكرم القواسمي وحسن سلامة، وغادر أكرم وحسن باتجاه رام الله، فيما توجه الشهيدان مع أيمن نحو القدس وعسقلان، والتقطت صورة لهما قبيل الانطلاق للعملية.
تفاصيل العملية وخسائر الاحتلال
توجه الشهيد أبو وردة نحو محطة الحافلات المركزية، غرب القدس، ووصل إلى المحطة في تمام الساعة السادسة والنصف، وتوجه إلى الباص رقم 108، وهو يحمل عبوة تزن 13 كيلوغرام، أعدها الأسير حسن سلامة أمامه، ودربه على استعمالها عدة مرات.
وبعد عدة دقائق فجر الشهيد أبو وردة نفسه بالحافلة ليقتل 28 من المستوطنين ويجرح 50 آخرين، ليكون أول من نفذ عمليات الثأر المقدس، وفي قلب القدس المحتلة.
كيف نقرأ العملية اليوم
ترى الباحثة المختصة بالشأن الصهيوني، الدكتورة نداء قيسية، وفي حديث خاص لوكالة بيت المقدس الإخبارية، أنّنا وبعد 28 عاماً من عملية باص 108 في القدس لا زلنا نشهد ريعان قوة وحيوية المقاومة في فلسطين، وتقول قيسية: “لا زالت المقاومة تحقق إنجازات وأهداف واضحة ومن أبرز الدلائل على ذلك، ما تمتلكه المقاومة من قدرات وإمكانيات خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من 4 أشهر في قطاع غزة، والتي لم يتمكن الاحتلال خلالها من تحقيق أيٍ من أهدافه التي أعلن عنها خلالها”.
وتضيف قيسية: “المقاومة تثبت دائماً أنّ كيان الاحتلال كيان كرتوني، وأنّ أسطورة الجيش التي لا يقهر لا تعدو عن كونها أسطورة، فجندي الاحتلال كان يقهر دوماً على يد المقاومة الفلسطينية، في جبهات القتال أو العمليات في قلب الكيان، والتي أبدعت المقاومة ولا زالت تبدع في انتقاء أمكنتها وأزمنتها، ولا تزال حتى هذا اليوم”.