
بالتزامن مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، يتصاعد أوار ولهيب معركة الأسرى في سجون الاحتلال، من أجل الحرية، ومن أجل استعادة الحقوق وصون الكرامة.
وبدأ التصعيد هذه المرة من الجنوب، حيث سجن النقب الصحراوي الذي يضم ما يزيد عن 1400 أسيراً، صباح يوم 15/8/2023، حينما امتنع الأسرى في عدد من أقسام سجن النقب عن الخروج لـ “الفحص الأمني” الصباحي الذي تجريه إدارة سجون الاحتلال، احتجاجاً على سياسة النقل التعسفي التي تجريها إدارة سجن النقب بحق الأسرى بين أقسام السجن.
وسبق حالة الاحتقان في سجن النقب بيوم زيارة استفزازية قام بها وزير الأمن الداخلي للاحتلال وعراب القوانين العقابية بحق الأسرى المتطرف “إيتمار بن غفير”، وقد سبق ذلك كله اقتحام وحدة “متسادا” القمعية للقسم رقم 26 في سجن النقب، بتاريخ 13/8/2023، لإجراء عمليات نقل تعسفي فيه، إذ تم نقل الأسرى فيه إلى أقسام متفرقة.
ولم يتوقف القمع الصهيوني عند قسم واحد من أقسام سجن النقب، إذ شهد صباح يوم الخميس، 17/8/2023، إقدام وحدات “اليماز” و”الدرور” و”الماتسادا” على اقتحام قسم 4 في سجن النقب، ونقلهم إلى أقسام أخرى.
تصاعدت حدة الأحداث بشكل متسارع أصدرت لجنة الطوارئ العليا في الحركة الفلسطينية الأسيرة بياناً أكد من خلاله استعداده لخوض المعركة مع الاحتلال من داخل السجون، وسط حالة وحدة ميدانية، ليتلو ذلك إعلان مكتب إعلام الأسرى عن دخول ما يقارب 1000 أسير من كافة السجون الإضراب المفتوح عن الطعام.
ويقول الأسير المحرر، والقيادي الشعبي المقدسي محمد الشلبي، في تصريحٍ خاص لوكالة بيت المقدس:” تمكن بعض الإخوة من التواصل مع عدد من الأسرى في سجن النقب، والوضع متوتر في كافة أقسام السجن، ولكن في الأقسام الأكثر استهدافاً تم مصادرة أكثر من 10 أجهزة هاتف نقال مخفية يستخدمها الأسرى للتواصل”.
الأسير المحرر، والمختص بشؤون الأسرى، وفي حديث له لوكالة بيت المقدس، أكد أنّ الاحتلال الصهيوني وخلال الأشهر الأخيرة كان له قرار بجعل حياة الأسرى جحيماً، متعمداً نقل هذا المشهد إلى خارج سجون الاحتلال، كي تخفف وتقلل جذوة المقاومة المستعرة ضد الاحتلال في الأرض المحتلة، إذ يسعى الاحتلال لتصدير صورة مختلفة عن ما يدور في عقول المنضوين بأعمال المقاومة حول سجون الاحتلال، إذ ينظر لها كمراكز للقوة والتثقيف والتوعية، واكتساب الخبرات، فمع تصاعد عملية القمع ومحاولات القضاء على منجزات الأسرى يحقق الاحتلال هدفين، وهما: كي وعي الفلسطينيين الذين يفكرون بالعمل المقاوم وتخويفهم من وجود جحيم ينتظرهم في سجون الاحتلال، وفي ذات الوقت يسعى الاحتلال للمزيد من التنكيل والانتقام من الأسرى في سجون الاحتلال.
ويقول القيق في تعقيبٍ منه حول التصعيد الأخير في سجن النقب وباقي سجون الاحتلال: ” الموضوع هنا غير مرتبط بزيارة (بن غفير) لعددٍ من سجون الاحتلال وحسب، بل إنّ الاحتلال الصهيوني يريد ممارسة سياستين، الأولى منهما تتمثل بالضغط على المقاومة في غزة للإسراع في تنفيذ صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال وفق ما يريد، وحسب قواعد اللعبة لديه، أمّا السياسية الثانية فتهدف إلى زيادة الضغط والتنكيل بالأسرى في سجون الاحتلال إرضاءً لمنظمات المستوطنين وأحزاب اليمين الديني في كيان الاحتلال، والتي بات اليوم حضورها بارزٌ في المشهد العام لدى الاحتلال”.
ويضيف القيق: “بالعادة وعندما يتم الاعتداء على الأسرى في سجون الاحتلال، يتم بعد ذلك مباشرةً عدة خطوات ميدانية على الأرض من قبل الحركة الفلسطينية الأسيرة، مثل: الامتناع عن الفحص الأمني، والامتناع عن الخروج لـ (الفورة)، وغيرها من الإجراءات كنوعٍ من الاحتجاج والرفض لما يقوم به الاحتلال، فما يملكه الأسرى من وسائل للمقاومة يتنوع بين (الأمعاء الخاوية) وصولاً إلى مقاطعة محاكم الاحتلال والامتناع عن الذهاب إليها، وعدم الخروج إلى (الفورة) وإغلاق الأقسام”.
ويحذر محمد القيق من خطورة الوضع الحالي للأسرى في سجون الاحتلال، فالاحتلال يسعى بقوة لكسر إرادة الأسرى، وفي ذات الوقت فإنّه يسعى إلى تحويل ملف الأسرى في سجون الاحتلال من “ملف أمني” إلى “ملف جنائي” كي يتمكن من هضم حقوقهم وتمييع قضيتهم.