
مقدمة التقرير:
شهدت مدينة القدس خلال شهر يناير 2025 تصعيدًا في اعتداءات الاحتلال، التي استهدفت المقدسات والممتلكات والانسان المقدسي في محاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض. فقد تصاعدت عمليات الاعتقال ومحاولات التهجير القسري، إلى جانب تكثيف الاقتحامات للمسجد الأقصى، الذي واجه محاولات متكررة لفرض الطقوس التلمودية داخله. في المقابل، لم تثنِ هذه الاعتداءات المقدسيين عن التشبث بأرضهم، حيث تواصلت حشود المرابطين في الأقصى، يستعرض هذا التقرير أبرز الانتهاكات الإسرائيلية التي وثقتها شبكة بيت المقدس الإخبارية خلال الشهر، مسلطًا الضوء على حجم الاستهداف الذي تتعرض له القدس وأهلها.
شهداء القدس
استُشهد الفتى آدم أيمن صب لبن (15 عاماً) من بلدة كفر عقب، بعد استهدافه برصاص الاحتلال عند حاجز قلنديا العسكري، فيما أُصيب ستة مقدسيين آخرين خلال اعتداءات متفرقة.
اقتحامات المسجد الأقصى
واصل الاحتلال تسهيل الاقتحامات الواسعة للمسجد الأقصى، إذ بلغ عدد المستوطنين المقتحمين لباحات المسجد 5427 مستوطناً، أدوا خلال اقتحاماتهم طقوساً تلمودية علنية، بما في ذلك السجود الملحمي، واشعلوا شموع الحانوكاه الثمانية، كما تصاعدت إجراءات الاحتلال القمعية بحق المقدسيين، عبر منع دخول الشبان إلى المسجد الأقصى لأداء صلوات الفجر والجمعة، وإغلاق بواباته عند إطلاق صفارات الإنذار عقب استهداف صاروخي من اليمن.
رغم الاعتداءات.. الأقصى عامر بالمصلين
ورغم هذه الاعتداءات، بقي الأقصى صامداً وحاضناً لجموع المصلين، حيث أحيا عشرات الآلاف ذكرى الإسراء والمعراج، وتدفقت مئات الحافلات من الداخل المحتل لنقل المصلين، الذين تجاوز عددهم 250 ألف خلال صلوات الجمعة الخمس في الشهر.
تصعيد عمليات الهدم والتهجير
كثف الاحتلال سياسة الهدم التي طالت 22 منشأة، أُجبر أصحاب 16 منها على هدمها بأيديهم قسراً، في مشهد يعكس حجم الاستهداف الممنهج. وكان أبرز ما وثقته الشبكة هدم ست منشآت لعائلة عويضة في سلوان، وأربع لعائلة الجعابيص في جبل المكبر، إلى جانب هدم مصلى التقوى في بلدة صور باهر. كما أصدرت محكمة الاحتلال قرارات بإخلاء 18 شقة سكنية في حي بطن الهوى بسلوان تعود لعائلتي بصبوص والرجبي، فيما وزعت بلدية الاحتلال أكثر من 15 إخطاراً بالهدم والمصادرة لمنازل وأراضٍ في العيساوية، سلوان، والزعيم، كما صدر قرار نهائي بهدم بناية الشهيد المقدسي محمد شهاب في بلدة الرام.
حملات اعتقال واسعة
سجل الشهر أكثر من 90 حالة اعتقال في القدس وضواحيها، شملت عشرات العمال الفلسطينيين بحجة دخولهم القدس دون تصاريح، إضافة إلى اعتقال 10 فتيات، بينهن 5 من داخل الأقصى بحجة الرسم على وجوه الأطفال خلال ذكرى الإسراء والمعراج. كما اعتقل الاحتلال 14 مقدسياً بتهمة الاحتفاء بحرية الأسير المقدسي أشرف زغير، و12 آخرين خلال حملة استهدفت بلدة عناتا.
صفقة طوفان الأحرار.. تحرير الأسرى المقدسيين
في تطور بارز، نجحت المقاومة الفلسطينية في تحرير 63 أسيراً مقدسياً ضمن صفقة “طوفان الأحرار”، شملت الإفراج عن 11 شبلاً مقدسياً، و9 أسيرات، و20 أسيراً محكوماً بالمؤبد، و23 من أصحاب الأحكام العالية. لكن الاحتلال واصل ممارساته القمعية، حيث أبعد 16 من الأسرى المحررين إلى خارج فلسطين، وفرض قيوداً صارمة على عائلاتهم، مانعاً إياهم من الاحتفال أو الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام.
إجراءات الاحتلال التعسفية
تواصلت سياسات القمع ضد المقدسيين بقرارات تعسفية جديدة، حيث جدد الاحتلال قرار إبعاد المرابطة خديجة خويص عن الضفة الغربية لمدة 6 أشهر، كما أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي عن سحب بطاقة الهوية المقدسية من الأسير المحرر محمد أسعد عبيدات من بلدة أبو ديس. إلى جانب ذلك، شدد الاحتلال إجراءاته الأمنية، مغلقاً الحواجز المحيطة بالقدس، وشنّ حملات استهدفت المركبات والمحلات التجارية، لا سيما في سلوان، جبل المكبر، ومخيم شعفاط. كما هددت وزارة المعارف الإسرائيلية بإغلاق مؤسسة مدارس الفرقان الخيرية، في محاولة لتقويض التعليم المقدسي.
اعتداءات المستوطنين وتصعيد الانتهاكات
لم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد، إذ صعّد المستوطنون اعتداءاتهم على مركبات المقدسيين في “طريق بيجن” وعند مداخل القدس.
تأتي هذه الانتهاكات ضمن سياسة ممنهجة لتضييق الخناق على المقدسيين، غير أن صمودهم المتزايد، واحتشادهم المستمر في المسجد الأقصى، يؤكد أن القدس ستبقى عصية على التهويد، وأهلها سيظلون رأس الحربة في مواجهة الاحتلال ومخططاته الاستيطانية.









