أصدر مركز معلومات وادي حلوة – القدس تقريره عن شهر نيسان/أبريل الماضي، رصد فيه الانتهاكات التي تعرضت لها مدينة القدس.

وتواصلت الانتهاكات الخطيرة في المسجد الأقصى خلال شهر نيسان/أبريل، ولم تتوقف الاعتقالات اليومية في مدينة القدس، وعمليات الهدم والتشريد، وقرارات الإبعاد.

المسجد الأقصى…انتهاكات خطيرة وأرقام قياسية

استباحت سلطات الاحتلال وجماعات “الهيكل المزعوم” المسجد الأقصى خلال نيسان/أبريل الماضي، وسُجلت العديد من الانتهاكات الخطيرة فيه، سواء بالاقتحامات المتكررة للأقصى والقبضة العسكرية فيه، أو على صعيد اقتحامات المستوطنين.

أما بالنسبة للاقتحامات اليومية، فقد تواصلت خلال الشهر الماضي، خلال فترتي اقتحامات صباحية (7:00 – 11:30) وبعد الظهر (1:30 – 3:00)، عبر باب المغاربة، الذي تسيطر سلطات الاحتلال على مفاتيحه منذ احتلال القدس، ونفذ اكثر من 10 آلاف مستوطن اقتحاماتهم للمسجد الأقصى. 

وكانت أصعب الأيام التي مرت على المسجد الأقصى خلال نيسان/أبريل هي أيام عيد الفصح العبري (من الثالث عشر حتى السابع عشر)، حيث شهد المسجد موجة اقتحامات واسعة من قِبل المستوطنين تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث اقتحم  6862 مستوطناً باحات المسجد خلال خمسة أيام.

وساهمت الشرطة الإسرائيلية بشكل مباشر في ارتفاع أعداد المقتحمين، إذ أدخلت مجموعات متتالية من المستوطنين إلى المسجد، ضمّت كل مجموعة ما بين 120 و200 مستوطناً، بفاصل زمني لا يتجاوز 15 دقيقة.

وأدى المستوطنون طقوسًا دينية علنية (صلوات ورقص وغناء وتصفيق وانبطاح) فيما شارك في الاقتحامات أعضاء من الكنيست وكبار الحاخامات ونشطاء جماعات “الهيكل”.

رافقت هذه الاقتحامات قيود صارمة على دخول المسلمين، من منع لفئات واسعة، واحتجاز للهويات، وتضييق على المصلين داخل المسجد، كما حوّلت سلطات الاحتلال البلدة القديمة ومحيط الأقصى إلى ثكنة عسكرية.

كما حاول بعض المستوطنين إدخال “قرابين الفصح” إلى داخله قبل أن تعتقلهم الشرطة.

وفي الثاني من شهر نيسان/أبريل، اقتحم وزير الأمن القومي المسجد الأقصى وأدى الصلاة فيه. ويُشار إلى أن الوزير المتطرف قد اقتحم المسجد الأقصى 8 مرات منذ توليه منصبه في عام 2023، منها 3 مرات في عام 2023، و4 مرات في عام 2024، وهذه هي المرة الأولى له في عام 2025.

نهاية شهر نيسان/ أبريل، اقتحم المئات من المستوطنين الأقصى في مطلع الشهر العبري، وأدوا الصلوات فيه، وأقاموا صلاة ما تسمى “بركة الكهنة” عند الجهة الغربية منه .

قبضة عسكرية متصاعدة داخل المسجد الأقصى

تواصل سلطات الاحتلال اقتحام المسجد الأقصى كل يوم جمعة، قبل أذان الظهر وحتى نصف ساعة بعد انتهاء الصلاة، حيث بات انتشار أفراد من قوات الاحتلال الخاصة بين صفوف المصلين خلال خطبة وصلاة الجمعة واقعًا مفروضًا.

ويتمركز الجنود فوق سطح مسجد قبة الصخرة وفي محيطه، خاصة عند البوائك الجنوبية الشرقية، والجنوبية، والجنوبية الغربية، بالإضافة إلى وجود قوة ثابتة قرب مركز الشرطة من الجهة الشمالية لسطح مسجد قبة الصخرة، علمًا أن مسجد قبة الصخرة وساحته مخصصة للنساء.

وتُرصد هذه المشاهد كل يوم جمعة دون أي مراعاة لحرمة المكان أو احترام لوجود النساء المصليات، حيث تتوزع القوات بين النساء، وتستمر في الحديث والكلام أثناء خطبة الجمعة والصلاة دون اعتبار لقدسيتها.

واللافت في الجمعة الأخيرة من شهر نيسان/أبريل الماضي، أن القوات الخاصة المتمركزة عند البوائك الجنوبية الشرقية منعت المصليات من الجلوس في المكان وأجبرتهن على الابتعاد.

واستمرت القيود المفروضة على دخول المصلين إلى الأقصى، خاصة في أيام الجمعة، من خلال نصب الحواجز في الطرق المؤدية إليه، والتمركز عند أبوابه، وإخضاع الوافدين للتفتيش وفحص الهويات. كما تم منع العديد من الشبان من الدخول إلى الأقصى، وملاحقتهم في أزقة البلدة القديمة، وإبعادهم عن أبواب الأقصى لمنعهم من الصلاة فيه.

كنيسة القيامة وطقوس عيد الفصح المجيد تحت الحصار والمنع والضرب

الأقصى كما القيامة، كلاهما تحت الحصار، والقيود، وفرضت سلطات الاحتلال قيودها على الصلاة في كنيسة القيامة والصلوات الخاصة على مدار أسبوع الآلام، وحددت أعداد المسيحيين من أهالي الضفة الغربية، فيما واصلت منع مسيحيي قطاع غزة من الدخول إلى القدس.

وأصدرت سلطات الاحتلال هذا العام 6 آلاف تصريح للمسيحيين من محافظات الضفة الغربية للمشاركة في صلوات وطقوس عيد الفصح المجيد، رغم أن عددهم يُقدَّر بنحو 50 ألفًا.

وتبدأ طقوس عيد الفصح بمسيرة أحد الشعانين التي تنطلق من جبل الزيتون وصولًا إلى البلدة القديمة، وعلى مدار أسبوع كامل تُنظم الصلوات والطقوس الخاصة بالعيد، وأبرزها الجمعة العظيمة وسبت النور.

وللعام الثاني على التوالي، اقتصر عيد الفصح المجيد، على أداء الشعائر الدينية فقط، دون مظاهر احتفالية موسعة، بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة.

وفرضت سلطات الاحتلال قيودًا مشددة على دخول المسيحيين ووصولهم إلى كنيسة القيامة للمشاركة في صلوات وطقوس “سبت النور”، واعتدت على العشرات من المسيحيين (رجال دين، حجاج، أطفال، نساء، شبان، وفرق كشافة) عبر إشهار السلاح باتجاههم لمنعهم من السير والتقدم نحو كنيسة القيامة، مما أدى إلى عرقلة مسيرة سبت النور السنوية التقليدية. كما منعت العشرات منهم من الدخول إلى الكنيسة وسطحها، وحددت أعداد المسموح لهم بالدخول، وسجلت عدة اعتداءات بالضرب والدفع على المسيحيين داخل الكنيسة وساحاتها، وكذلك على الحواجز التي حاصرتها.

ومن قلب كنيسة القيامة، انبثق “النور المقدس”، ليحمل شعاعه إلى مسيحيي القدس والداخل الفلسطيني ومدن الضفة الغربية، ويسافر عبر الطائرات إلى أنحاء متفرقة من العالم، إلا إلى مسيحيي قطاع غزة، الذين ما زالوا يرزحون تحت حرب إبادة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.

التعليم في القدس.. أخطار محدقة

تواصلت سلطات الاحتلال تدخلها في التعليم في مدينة القدس، منتهكةً حق الطفل في الحصول على تعليمٍ آمنٍ وسليم، وتستمر هذه الانتهاكات في استهداف المدارس والمؤسسات التعليمية الفلسطينية؛ وأبرز الانتهاكات كانت في شهر نيسان/أبريل الماضي:

▪︎في الثامن من شهر نيسان/أبريل، اقتحمت قوات الاحتلال، برفقة طواقم من وزارة المعارف الإسرائيلية، مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مدينة القدس (مخيم شعفاط، وادي الجوز، صور باهر، وسلوان)، وسلمت الإدارات إخطارات تقضي بإغلاق المدارس خلال 30 يومًا.

وطالبت سلطات الاحتلال بضرورة نقل الطلاب وتسجيلهم في مدارس تابعة لها، ووزعت عليهم أوراقًا موجهة إلى أولياء أمور الطلاب جاء فيها: “تم إغلاق المدرسة بعد أن تبين أنها تعمل دون ترخيص وبخلاف ما ينص عليه القانون”.

ويُدرس في مدارس الأونروا حوالي 800 طالب وطالبة، إلى جانب 350 آخرين في كلية تدريب قلنديا (التي تقدم تعليمًا مهنيًا)، وهي جميعها تقع ضمن حدود بلدية القدس.

وللوكالة 3 مدارس في مخيم شعفاط، 1 في صور باهر، 1 في سلوان، 1 في وادي الجوز “للذكور والإناث” للمرحلتين الابتدائية والأساسية.

وكان الكنيست قد أقر في تشرين الأول/أكتوبر 2024 قانونًا يحظر نشاط وكالة الأونروا داخل إسرائيل، بالإضافة إلى قانون آخر يحظر الاتصال معها، وفي شباط/فبراير الماضي، أصدر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تعليماته بتطبيق قانون يحظر أنشطة الأونروا داخل إسرائيل.

▪︎بداية شهر نيسان/أبريل، أعلنت وزارة المعارف الإسرائيلية عبر صفحتها على “فيسبوك” إغلاق مدارس الفرقان في مدينة القدس، مدعية أن المدرسة تعمل “دون ترخيص وبطريقة غير قانونية”.

تأسست مدرسة الفرقان قبل 31 عامًا في منطقة ضاحية البريد وحصلت على الترخيص من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، ثم انتقلت للعمل داخل مدينة القدس وبالتحديد في بلدة شعفاط عام 2002، وحصلت على التراخيص اللازمة للعمل داخل المدينة من وزارة المعارف الإسرائيلية، ويدرس فيها 1200 طالب وطالبة في 4 فروع وروضة، ويعمل فيها 120 موظفًا.

▪︎نهاية نيسان/ ابريل، أعاقت سلطات الاحتلال دخول الحافلات المخصصة لنقل طلبة المدارس من داخل مخيم شعفاط إلى خارجه للالتحاق في مدارسهم التي تقع خارج المخيم، وتكرر ذلك عدة أيام وتسبب في تغيب العشرات من الطلبة عن مدارسهم.

اعتقالات يومية

واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي حملات الاعتقال في مدينة القدس، حيث تجاوز عدد المعتقلين خلال شهر نيسان/ابريل الماضي 500 حالة، بحسب مركز معلومات وادي حلوة – القدس. وشملت الاعتقالات أطفالًا وفتية ونساءً وكبارًا في السن، بالإضافة إلى مئات من شبان الضفة الغربية بحجة “الإقامة غير القانونية في القدس”.

إبعادات ومنع سفر

أصدر الاحتلال 12 قرارًا بالإبعاد ومنع السفر، شملت قرارات إبعاد عن مدينة القدس والبلدة القديمة والأقصى، ومنع دخول الضفة الغربية.

من بين هذه القرارات، مُنع وزير شؤون القدس، أشرف الأعور، من دخول الضفة الغربية لمدة 6 أشهر.

هدم وتشريد

وثق مركز معلومات وادي حلوة تنفيذ 20 عملية هدم، خلال شهر نيسان/ابريل الماضي، منها تفجير منزل عائلة الشهيد المقدسي محمد شهاب في بلدة الرام. كما شملت عمليات الهدم منشآت سكنية وتجارية وزراعية، واغلاق منشآت تجارية بزعم تشغيل فلسطينيين من حملة هوية الضفة الغربية.

ملاحقة محرري صفقة التبادل

استمرت سلطات الاحتلال في ملاحقة أسرى محررين من صفقة التبادل، عبر اعتقالهم واقتحام منازلهم وفرض المخالفات عليهم.

واعتقلت القوات الأسير المحرر الشاب رضا عبيد من العيسوية (مدد توقيفه حتى مطلع أيار/مايو)، وأفرج عن رضا عبيد ضمن “الدفعة الثالثة” من صفقة التبادل، في الثلاثين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وحينها كان يعاني بشدة من مرض جلدي “السكابيوس” ، ولا يزال يعاني من المرض الجلدي “أوجاع شديدة وحكة وإحمرار” إضافة الى اوجاع في صدره بسبب الرضوض اثر الاعتداءات المتكررة خلال فترة اعتقاله الماضية.

أما الأسير المحرر الشاب موسى العجلوني من البلدة القديمة، فقد اعتقل لمدة يوم.

كما تواصلت الاقتحامات لمنازل الأسرى المحررين، حيث أجرت قوات الاحتلال تحقيقات ميدانية معهم أو مع أفراد من عائلاتهم، وفرضت عليهم مخالفات مختلفة، كما استدعت بعضهم للتحقيق.

أحداث متفرقة

7/4/2025: عمّ الإضراب الشامل مدينة القدس، رفضًا للمجازر في غزة وللمطالبة برفع الحصار.

8/4/2025: منعت سلطات الاحتلال عقد مؤتمر الاتحاد العام للعمال في مقره بشارع صلاح الدين، واعتقلت مديره.

10/4/2025: أُصيب الطفل أمير الحداد (12 عامًا) من مخيم شعفاط بعيار مطاطي أدى إلى كسر في الجمجمة.

28/4/2025: قرر وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، إغلاق مكتب وقفية صندوق القدس.

شهيد لقمة العيش

26/4/2025: استُشهد عرفات قادوس من قرية عراق بورين – نابلس، إثر سقوطه عن جدار الفصل العنصري في منطقة الرام شمال القدس، أثناء محاولته دخول المدينة بحثًا عن لقمة العيش.