بقلم يعقوب ابو عصب – باحث مقدسي

حرصت سلطات الاحتلال على السيطرة على نظام التعليم في القدس منذ اليوم الأول لإحتلال المدينة منذ أكثر من خمسين عاما، حيث إن ملف التعليم لا تقل أهمية وحساسية عن ملف المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس.
لكن الوقفة الوطنية للقيادات الوطنية العربية والإسلامية والتربوية من معلمين وإداريي وأهالي الطلبة في المدينة ورفضهم التعاطي مع مناهج الإحتلال والإصرار على التدريس بالمنهاج الأردني من خلال الأوقاف الإسلامية كان لردة الفعل تلك أكبر الأثر في صد الهجمات الإسرائيلية لأسرلة التعليم وعمل على تأخير تنفيذ المخطط.
إستمرت مدارس القدس في أداء رسالتها حتى توقيع اتفاقيات أوسلو، وانتقلت مسؤولية ملف التعليم إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، واستمر الاحتلال في محاولاته لبسط سيطرته على ملف التعليم من خلال إجراءات عديدة اتخذها استهدفت المؤسسات التربوية الوطنية وإغلاقها وإخراجها عن القانون عمداً لإفراغ مدينة القدس.
استغل الاحتلال الأزمات المادية لبعض المؤسسات كان غرضه من فرض أجندته وشروطه مقابل تسهيلات مالية ولا يزال الملف يتراجع بشكل مقلق بسبب الإهمال الرسمي غير المبرر وغير المفهوم لملف التعليم في القدس.


والآن وصل الاحتلال إلى إستخدام أقصى أنواع الإجراءات التعسفية بحق المدارس في مدينة القدس بحيث وصلت إلى تجميد وسحب تراخيص عدد من مدارس المدينة بحجة تدريس مناهج تحريضية.
هدف الإحتلال منذ سيطرته على مدينة القدس هو السيطرة الكاملة على المنهاج التعليمي في مدينة القدس وان هدف هذه الإجراءات الأخيرة التي أعلنت عنها حكومة الإحتلال هي الأكثر خطورة لفرض المنهاج الإحتلالي على مدارس القدس وبتر الجهاز التربوي عن جذوره الوطنية وهويته العربية الفلسطينية.
ولربما هذه الإجراءات التعسفية بحق مدارس القدس هي بداية لحقبة مظلمة للعملية التعليمية في العاصمة الفلسطينية، إذ إن إنتاج أجيال مبتورة عن قضيتها وجذورها هو الخطر الأساسي على قضية القدس المهملة منذ عشرات الأعوام.


هل هناك خطوات جدية تتخذها السلطة الوطنية الفلسطينية في الدفاع عن ملف التعليم في القدس؟
• لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها وأذرعها خصوصا السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس حكومتها ووزارة التربية والتعليم ومدير مكتب التربية في القدس المحتلة كممثل رسمي للوزارة عليهم وبشكل رسمي اصدار بيان يوضح الى اي مستوى وصلت اليه أسرلة التعليم في القدس وما هي الخطط لمواجهته.
• بالاضافة الى دائرة الأوقاف الإسلامية كهيئة رسمية تمثل المملكة الأردنية الهاشمية باعتبار ملف التعليم امتداداً للوصاية على المسجد الأقصى المبارك .
• لوجود تفسيرات يجب على الفصائل الفلسطينية دون استثناء استنكار واصدار خطة موحدة تنبذ الانقسام الفلسطيني والتوحد للمستقبل الشاب الذي يعاني في مدينة القدس من غياب الدور التعليمي الذي يؤكد على احقية التعليم في القدس بناء على المنهاج الفلسطيني.
• التوجه الى المؤسسات الدولية مثل اليونيسكو وطرح قضية التعليم في القدس في جلسة عاجلة لتأكيد على احقية الجيل المقدسي القادم في التعليم حسب المنهاج الفلسطيني.
• وقوف جميع الشخصيات التربوية والوطنية الفلسطينية والمؤسسات التعليمية والتربوية في القدس وفلسطين في الوقوف جنبا الى جنب مع مدينة القدس لمنع اي قرارات تعسفية من الاحتلال في أسرلة التعليم.
وعلى مر التاريخ اثبت المقدسيين انهم يمكنهم الدفاع عن حقوقهم وثوابتهم ومستقبل ابناءهم لكن القدس تحتاج الى موقف رسمي ودولي داعم للالتفات حوله، موقف يرفع راية القدس في تعليم ابناءها منهاجا وطنيا يعبر عن هويتهم وجذورهم.
ان انهيار المنظومة التعليمية الوطنية في القدس مؤشر خطير ينذر بتفشي اجاراءات الاحتلال التعسفية لتستهدف ملفات اخرى اكثر حساسية وخطورة، فالرسالة موجهة الى مسؤولي ملف التعليم في القدس، مداركة الموقف قبل فوات الاوان وقبل ان تفقد القدس اهم عنصر في قضيتها وهي قضية التعليم، فالقدس لن تخلف العهد وستلتفت حول كل من يدعمها محليا واقليميا عربيا ودوليا قبل أن تفقد القدس مستقبل أبناءها وحقهم في منهاج وطني يمثلهم ويعبر عن آمالهم وتطلعاتهم
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد…