أظهر تقرير شهري صادر عن مركز معلومات وادي حلوة – القدس، تصاعدًا خطيرًا في الانتهاكات الإسرائيلية بحق مدينة القدس وسكانها خلال شهر حزيران/يونيو 2025، تزامنًا مع إعلان سلطات الاحتلال حالة الطوارئ في ظل الحرب مع إيران.

ووثق التقرير تصاعدًا واسع النطاق في أنماط القمع، شمل استخدام الرصاص المتفجر ضد المدنيين داخل منازلهم، واقتحامات متكررة للمسجد الأقصى، واستمرار سياسة الاعتقال اليومي، إلى جانب أوامر هدم وإخلاء وإبعاد، ما يعمّق واقع التنكيل الجماعي بحق المقدسيين.

استشهاد سيدة برصاص الاحتلال في مخيم شعفاط
في 25 حزيران، استشهدت زهية جودة العبيدي (66 عامًا)، إثر إصابتها برصاصة متفجرة في الرأس أثناء جلوسها مع عائلتها على سطح منزلهم في الطابق الرابع بمخيم شعفاط شمال شرق القدس، خلال اقتحامٍ لقوات الاحتلال.
وأفاد التقرير بأن قوات الاحتلال احتجزت جثمان الشهيدة لساعات قبل تسليمه إلى العائلة.

انتهاكات غير مسبوقة داخل المسجد الأقصى
شهد المسجد الأقصى خلال الشهر ذاته تصعيدًا وصفه المركز بـ”السابقة الخطيرة”، تضمن إدخال طقوس دينية يهودية شملت الخمر و”الخبز المقدس”، واقتحامًا من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي طالب علنًا بالسماح للمستوطنين بالغناء والرقص داخل المسجد دون تدخل من الشرطة.

وسجل التقرير أبرز الانتهاكات بالتواريخ التالية:

2 حزيران: أربعة مستوطنين متطرفين اقتحموا ساحة قبة الصخرة من الجهة الشمالية، حاملين مواد طقسية، وأجروا شعائر دينية وسط غناء وتصفيق مجموعة مرافقة.

11 حزيران: اقتحام رسمي للمسجد الأقصى من قبل إيتمار بن غفير برفقة ضباط شرطة، حيث أدى صلوات علنية داخله.

13 – 24 حزيران: فرض إغلاق جزئي وكامل للمسجد، مع منع المصلين، والسماح فقط بدخول موظفي دائرة الأوقاف، قبل أن يُعاد فتحه بالكامل بعد رفع حالة الطوارئ.

كما وثق التقرير اقتحام مئات المستوطنين لساحات الأقصى خلال الأعياد اليهودية، وإقامة طقوس دينية وغنائية جماعية وسط حماية الشرطة، التي تلقّت – وفق منشورات جماعات الهيكل – أوامر مباشرة بعدم منع هذه الأنشطة.

إصابات بالرصاص المتفجر دون وجود مواجهات
استخدمت قوات الاحتلال الرصاص المتفجر في عدد من أحياء القدس خلال حالة الطوارئ، ما أدى إلى إصابة الطفل إياس أبو مفرح (13 عامًا) وابن عمّته عدي أبو جمعة (22 عامًا)، أثناء تناولهما طعام العشاء أمام منزلهما في بلدة الطور، دون وقوع مواجهات.

وذكر التقرير أن قوات الاحتلال اقتحمت مستشفى المقاصد عقب نقلهما، واعتقلت والدَي المصابين بعد اقتحام منزلي العائلتين.

قرارات إخلاء تهدد عائلات في سلوان وأم طوبا
واصلت سلطات الاحتلال خلال الشهر إصدار أوامر إخلاء بحق عائلات فلسطينية في القدس، ضمن سياسة تهويد الأحياء لصالح الجمعيات الاستيطانية.

ففي بلدة سلوان، تسلمت عائلات الرجبي، عودة، وشويكي قرارات قضائية بإخلاء منازلها في حي بطن الهوى، بدعوى ملكية جمعية “عطيرت كوهنيم” لأراضٍ تعود ليهود يمنيين منذ القرن التاسع عشر، ما يهدد بتهجير نحو 25 فردًا.

أما في أم طوبا جنوب المدينة، فقد تلقت 18 عائلة أوامر إخلاء لمنازل بُني معظمها بتراخيص رسمية. وتبيّن لاحقًا تسجيل الأراضي باسم “الصندوق القومي اليهودي” ضمن مشروع حكومي لتسوية الأراضي أُطلق عام 2018.

استهداف محرري صفقة التبادل
سلمت سلطات الاحتلال الشاب محمد علي عطون (22 عامًا) من بلدة صور باهر، قرارًا بسحب الإقامة الدائمة، بعد اقتحام منزله واعتقاله.
وكان عطون قد تحرر ضمن الدفعة الخامسة من صفقة التبادل في شباط/فبراير الماضي، بعد قضائه أكثر من عامين في سجون الاحتلال.

حملات اقتحام واعتقال واسعة
رصد التقرير استمرار الاقتحامات اليومية للأحياء المقدسية، التي ترافقت مع دوي صافرات الإنذار والانفجارات، واستخدمت خلالها قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز والرصاص المطاطي والمياه العادمة.

ووثق التقرير اقتحامات للأحياء التالية: سلوان، الطور، العيسوية، مخيم شعفاط، جبل المكبر، وادي الجوز، والشيخ جراح، إضافة إلى عمليات تفتيش واعتقال طالت العشرات، بينهم نساء وأطفال.

كما فرضت قوات الاحتلال حصارًا مشددًا على البلدة القديمة، ومنعت الدخول إليها باستثناء سكانها، بعد فحص الهويات والتدقيق بعناوين السكن.

عمليات هدم ممنهجة
شهد شهر حزيران تنفيذ 12 عملية هدم وإغلاق طالت منشآت سكنية وتجارية وزراعية، تحت ذريعة “البناء دون ترخيص”.
وتنوعت العمليات بين هدم ذاتي اضطر فيه السكان لهدم منازلهم تفاديًا للغرامات، وهدم مباشر نُفذ بواسطة طواقم بلدية الاحتلال.

كما أُغلقت منشآت تجارية بحجة تشغيل فلسطينيين من حملة هوية الضفة الغربية.

الاعتقال اليومي مستمر
واصلت سلطات الاحتلال حملات الاعتقال اليومية في مدينة القدس، طالت فئات متعددة من السكان، بينهم أطفال وكبار سن ونساء، إضافة إلى مئات الفلسطينيين من الضفة الغربية بحجة “الإقامة غير القانونية في القدس”.